بعد اتساع رقعة المدينة نحو ما يعرف ببولفار فؤاد شهاب ونحو وشارع الحرية وشارع المصارف فشارع عزمي، كانت المدينة تدخل عالم الحداثة والتغيير العمراني وتدخل تمدد الجغرافيا والديموغرافيا ولو على مراحل.
وبعد بناء الكلية الإسلامية للتربية والتعليم تجمع ابناء عائلات الفيحاء والجوار فيها لينهل من علمها الأكاديمي مَن شاء ، ولينحو نحو الشريعة من شاء أيضا.
وكانت تزدان الكلية بشهر الخير بفرح عظيم وزينة وانضباط إضافيين وحصص ودروس دينية للفرعين .
ولعل المكان عرف لوقت طويل جدا بوجود الكلية وكانت تشهد بين وقت وآخر احتفالات يشارك فيها الوجهاء من طرابلس .
ثم جاء بناء مسجد الصديق في منطقة ما يعرف حاليا ببولفار فؤاد شهاب وقد استقطب روادا من أفواج المتعلمين وقاطني المدينة الجديدة.
وكان لبنائه المتلازم مع جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية الأثر الكبير في تصنيفه، إذ كانت الجمعية، ولا تزال، محل احترام الناس وتقديرهم .
وفي خلال سنوات طويلة شهد مسرح المكارم أو ما يعرف بقاعة الحاج سميح مولوي احتفالات متعددة الألوان اجتماعيا وسياسيا ودينيا أيضان وما كان لحدث أن يبدأ فيها إلا بتلاوة عطرة مع شيخ قراء طرابلس الكبير محمد صلاح الدين كبارة .
وفي رمضان تعددت اللقاءات في القاعة الأنيقة الرحبة لا سيما منها تلك التي أقيمت في ليلة القدر أو غزوة بدر الكبرى.
ولم تكن طرابلس الجديدة لناحية بساتين طرابلس قد بنيت بعد، باستثناء مبنى غرفة طرابلس والشمال، وهو أول بناء شيد هناك، فقد بقيت بساتين الليمون وافرة وارفة اذا دخلتها تهت واحتجت لاهل الخبرة للخروج منها مجددا، واستمر الحال كذلك حتى نهاية الحرب اللبنانية .
كانت الحياة المدنية تطغى على طرابلس الجديدة فاحتفظ القديم برونقه، إلا أن المجتمع الجديد كان يتخذ لنفسه حياة جديدة وعادات مرنة نسبيا، وظهر ذلك من خلال اجتماعات العائلات وسهراتهم الاجتماعية وبدء انتشار الفنادق لا سيما المنتزه في آخر شارع عزمي .
لقد تسللت الحداثة إلى طرابلس عبر التمدد العمراني وعودة المتعلمين من أوروبا ومصر ثم من الاتحاد السوفياتي، وكل واحد من العائدين حمل معه إضافات سلوكية طبعت المجتمع بنكهة مختلفة.