كتبت “الراي” الكويتية: هو مزيجٌ من انفجار «رمّانةِ» ملف الحدود والمرافئ البرية والبحرية بين يديْ ما بات أقرب إلى «دولة زومبي»، ومن «القلوب الملآنة» خارجياً بإزاء سلطةٍ وكأنها «تَرْفع العشرة» تباعاً على مختلف مستويات مسؤولياتها و«نَفَذَتْ الفرصُ» التي لطالما أُعطيتْ لها لمعاودة رسْم الخط الفاصل عن تموْضعاتٍ إقليمية لأفرقاء داخليين اقتيدت البلاد برمّتها إلى.. فوهتها.
هكذا وصفتْ أوساطٌ واسعة الاطلاع في بيروت القرار الصادِم الذي أصدرتْه السعودية (أول من أمس) بمنْع دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية أو عبورها من أراضيها اعتباراً من اليوم، وذلك بعد إحباط تهريب نحو مليونيْ ونصف مليون قرص من مادة الأمفيتامين (المستعمَلة في تصنيع الكبتاغون) المخدّرة كانت مخفية داخل شحنة من فاكهة الرمان آتية من لبنان.
ورغم الطابع الأمني لهذا الحَدَث في شقّه «التقني»، فإنه جاء مدجَّجاً بـ إشاراتٍ سياسية عبرّ عنها وضْعُه من الرياض تحت عنوان «تَزايُد استهداف المملكة من مهرّبي المخدرات التي مصدرها الجمهورية اللبنانية أو التي تمرّ عبر الأراضي اللبنانية»، وأن «أمن المملكة خط أحمر»، وصولاً إلى ربْط العودة عن هذا القرار بـ «تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذهم الإجراءات اللازمة لوقف عمليات تهريب المخدرات الممنهجة ضدها».
واعتبرتْ الأوساط الواسعة الاطلاع عبر «الراي» أن الخطوة السعودية المباغتة تُوازي في وقْعها وتستكمل بمَفاعيلها السياسية التطور الأكثر دراماتيكية في تاريخ العلاقات بين بيروت والرياض الذي شكّله إعلان السعودية في شباط 2016 «مراجعة شاملة لعلاقاتها مع لبنان» تمّ تحت سقفها وقف مساعداتٍ كانت قرّرتْها (في 2013) لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلي بنحو 4 مليارات دولار «نظراً للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين».
وإذا كانت «صعقة» 2016 اعتُبرت بمثابة «بطاقة صفراء» للبنان في بدايات تَمَظْهُر «انحرافه» خارج الحضن العربي ورداً على «مصادرة حزب الله لإرادة الدولة» (كما جاء في قرار 2016) وتمنُّع بيروت حينها عن إدانة الاعتداءات على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد، فإن «المسرح السياسي» لقرار نيسان 2021 يجعله بحسب الأوساط نفسها أقرب إلى «بطاقةٍ حمراء» بوجه «انجرافِ» بلاد الأرز إلى محورٍ إقليمي معادٍ للسعودية و«يلعب» في حديقتها الخلفية (اليمن).
وفي رأي هذه الأوساط أن الرياض أعلنتْ بين سطور قرارها المفاجئ انتهاء «الأسباب التخفيفية» التي كانت تُمنح للبنان على قاعدة «أن لا حوْل له» في وقْف تَفَلُّت «مراكز التحكّم والسيطرة» من يد سلطاته الرسمية في المسائل الاستراتيجية كما ذات الصلة بالحدود والمرافئ البرية والبحرية وحتى الجوية، مُبْدِيةً الخشية من أن يتحوّل هذا التطور «كرة ثلج» تشمل دولاً خليجية أخرى أو أن يتمدّد سعودياً ليشمل منتجاتٍ لبنانية إضافية تُصدَّر إلى المملكة أو عبرها ما لم تنجح بيروت سريعاً في اتخاذ ما يلزم من إجراءاتٍ عمليّة لقفْل باب تهريب المخدرات والذي يَفتح من الباب العريض مجمل ملف الحدود الذي يُعتبر «على رأس» لائحة المسار الإصلاحي الذي يطالب به المجتمع الدولي لـ «تأهيل» لبنان للحصول على الدعم المالي لإنقاذه من الانهيار المتدحرج.