مشروع ينقذ تراث بيروت بعد انفجار المرفأ.. خطوة نحو الإعمار

25 أبريل 2021
مشروع ينقذ تراث بيروت بعد انفجار المرفأ.. خطوة نحو الإعمار

بتمويل من صندوق التراث لليونسكو في حالات الطوارئ “HEF”، تم تنفيذ مشروع التوثيق الثلاثي الأبعاد للدمار الذي لحق بتراث بيروت الثقافي والمعماري عقب انفجار المرفأ يوم 4 آب 2020، والذي أدى إلى تضرر الكثير من المباني التراثية.

ويهدف هذا المشروع لانقاذ المدينة ومبانيها التاريخية والتي تعود إلى أيام الانتداب الفرنسي والعهد العثماني. وفعلياً، فإن هذا المشروع يعتبر خطوة حاسمة على طريق إعادة إعمار العاصمة اللبنانية بعد الانفجار، إذ إنه يقدم صورة واضحة للمدينة على طريق الإعمار بعد الدمار.

وكان هذا المشروع أطلق في أيلول 2020 من قبل الشركة الفرنسية الناشئة “ICONEM”، وذلك بالشراكة مع المديرية العامة للآثار في لبنان، وكجزء من مبادرة “اليونسكو” الرئيسية “لبيروت”. وفي الواقع، فإن التوثيق الجديد، سيؤدي إلى خلق نموذج جغرافي ثلاثي الأبعاد للعاصمة اللبنانية، والذي سيكون حاسماً على أكثر من مستوى في عملية إعادة بناء المدينة.

وفي السياق، يقول جو كلّاس، المرمّم المعماري المتخصّص في التوثيق ثلاثي الأبعاد للآثار والمواقع التاريخية، والمسؤول عن المشروع معICONEM : “إنّ صنع نموذج ثلاثي الأبعاد يشبه إنشاء توأم رقمي للواقع، مع كل القوام والأضرار. سيحافظ هذا النموذج على المدينة في وضعها الحالي في حال حدوث مزيد من الأضرار، بما أنّ عملية إعادة الإعمار بطيئة للغاية. كذلك، فإن هذا النموذج يسهّل جميع تقارير التقييم والتحليل الإنشائي للمهندسين المعماريين حين يشرعون بأعمال إعادة الإعمار لاحقاً. في الواقع، هذا التوثيق يسرّع جميع العمليات”.

ووفقاً لمنظمة “اليونسكو”، فإنه لإتمام هذا المشروع الشاق، استغرق تسجيل كل نقطة “GPS” والحصول على قياسات دقيقة أكثر من ساعة.

ويقول أحد أعضاء فريق المديرية العامة للآثار: “إننا ننفّذ توثيقاً مدنيَاً للمدينة المتضررة بأكملها، من المرفأ إلى المدوّر مروراً بالجمّيزة ومار ميخايل، على مساحة تزيد عن 3 كيلومترات مربعة. ونسجّل أيضاً بالتفصيل معالم أثريّة محدّدة كقصر سرسق أو قصر بسترس، والتي تضرّرت كثيراً. وحالياً، نقوم بوضع اللمسات الأخيرة على هذا المشروع، قبل الانتقال إلى معالجة البيانات لخلق النموذج الثلاثي الأبعاد، وكل ذلك لمدّة 4 أشهر”.

وأضاف: “لقد تأخرنا بسبب اقفال البلاد جرّاء وباء كورونا، وحجم الدمار يجعل العمليّة أكثر صعوبة، ناهيك عن أن الشوارع ضيقة جدًا وتقدّم أحيانًا مجموعة متشابكة من العوائق والأشجار والأسلاك الكهربائية”.

ولتخطّي هذه العقبات وللحصول على بيانات أكثر دقّة، كان على الفريق المسؤول أن يلجأ، بالإضافة إلى التقاط الصور على مستوى الأرض، إلى تقنيات مبتكرة وكاميرات طائرة من دون طيّار، تصل أحياناً إلى ارتفاع 150 متراً. ووفقاً لكلاس، فقد جرى التقاط نحو 60 ألف صورة حتى الآن.

وبالإضافة إلى التوثيق، قدّم المشروع أيضاً فرصة لتدريب علماء آثار شباب من المديرية العامة للآثار في هذا العمل الدقيق التي جرى تنفيذه في بيروت.

ويقول الدكتور سركيس خوري، المدير العام للمديريّة العامة للآثار: “نحن نعمل على تحسين تقنيات فريقنا من خلال تبادل الخبرات هذا. التكنولوجيا جزء من عملنا، ونحن بحاجة إلى توثيق جيّد لجميع العمليات. لقد بدأنا بالفعل عملية المسح بعد الانفجار مع جهات مختلفة، لكن هذا المشروع الذي تم تطويره مع اليونسكو سيسمح لنا بالحصول على هذا النموذج ثلاثي الأبعاد، والذي سنتيح استعماله لأي جهة تحتاجه لإعادة إعمار بيروت. وقد أعربت العديد من المؤسسات بما في ذلك جامعات كبيرة عن رغبتها في استخدام هذا النموذج”.