معاناة اللبنانيين تتفاقم يوما بعد آخر، ولا سيما مع إخفاق المسؤولين في حلّ الأزمة فيما لا تزال الليرة على ضعفها أمام الدولار، مقوّضة القدرة الشرائية لمواطنين التهمت البطالة أكثر من نصف وظائفهم.
فقد اللبنانيون كل أمل مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية وازدياد الصعوبات المعيشية، ويجد شبان لبنانيون أنفسهم أكثر بعداً عن أحلامهم بعدما شعروا أن مستقبلهم في البلد، بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى.
لبنان مقبرة الأحلام
لم يعد بإمكان أصحاب المؤسسات الكبيرة والصغيرة، في المجالات كافة، تحمّل أعباء التراجع الحاد في حركة الأسواق التجارية، فقرر أغلبهم اتخاذ الخيار المرّ بالإقفال لوقف مسلسل خسائره المستمر منذ نحو سنتين. بينما يواجه آخرون الظروف ويصرون على الاستمرار رغم الصعاب.
تاتيانا حداد مثال على اللبناني المناضل، ولدت قصتها من رحم المعاناة. تاتيانا رياضية محترفة في الوثب الطويل، والعالي والثلاثي وشاركت في العديد من المسابقات العالمية كما أنها لعبت كرة السلة في صفوف نادي الحكمة.
تعرضّت منذ 15 عاماً لإصابة ولم يتوّفر حينها اختصاصيون في العلوم الرياضية، وهو تخصصها اليوم ،لمساعدتها على الشفاء والعودة الى التمارين فتدمّرت حياتها المهنية وتوقفت عن مزاولة الرياضة. لكنها، كطائر الفينيق، نهضت من الرماد وأصرّت على أن تساعد غيرها كي لا تتكرر معاناتها لذا أسسّت مركزاً متخصصا في لبنان.
وتقول تاتيانا لـ”لبنان 24″: “لا أرغب في مغادرة لبنان لكني أواجه تحديات وصعوبات جمّة بسبب أزمة الدولار، فلا توازن بين ما أدفعه وما أكسبه من ربح. الصورة كالتالي اليوم: أعمل كي أدفع الإيجار فقط لا غير”.
مركز تاتيانا يقدّم خدمة الـEMS (Electro muscular stimulation)، تقنية مثبتة طبيا ومعتمدة من إدارة الغذاء والدواء FDA. هي عبار عن بدلة تُلبس للقيام بتمارين لمدّة 20 دقيقة كبديل عن ما يعادل5 ساعات ونصف من التمارين في النادي الرياضي، تشغل 95٪ من العضل في الجسم”.
كما تقدم في العيادة خدمات رياضية وطبيّة أخرى للرياضيين، كالعلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل بعد الإصابات.
وتكشف تاتيانا أنها رفعت الأسعار قليلاً خلال الأزمة لكن ضمن الحدود المعقولة لأنها تشتري المعدات من ألمانيا باليورو، وتضيف: “أصبح الوضع صعبا جدا اذ ان العملاء يدفعون بالليرة اللبنانية”.
وتلفت الى أنها “لأول مرّة في حياتها فكرت في إغلاق العيادة في لبنان وفتح فرع لها في أوروبا”، ورغم ذلك فهي تحاول في الوقت الحالي عدم رفع الأسعار التي لا تزال هي نفسها بالدولار لكن على سعر الـ3000 ليرة لكي تتمّكن من دفع الأيجار على الأقل”.
وتتابع: “الوضع صعب جداً، كان هدفي أن أؤسس هذه العيادة في لبنان بعد الحادث الذي تعرضّت له كي يستفيد غيري من تجربتي. أحاول إرضاء العملاء بطرق متعددة فنحن أصبحنا كالعائلة اليوم”.
وتشدد تاتيانا على أن “الصعوبات زادت بعد انتشار وباء كورونا اذ توقف العملاء عن زيارة العيادة بسبب الخوف من الفيروس رغم الاحتياطات التي اتخذناها. لكن اليوم الوضع أفضل، خصوصاً بعد البدء بتلقي اللقاح ، وتراجع الخوف”.
تاتيانا مثال على اللبناني المناضل، لكن الى متى سنواصل التضحية وسنتمكن من الاستمرار في ظل التدهور المتواصل من دون أفق حل؟