كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: مع عودة عون وجعجع إلى الحياة السياسية، برز عامل إضافي مع وجود باسيل إلى جانب عون، وبدء انحسار حضور شخصيات مسيحية سواء كانت إلى جانب بكركي أو ضدها. نجح باسيل في خرق الجو الرهباني والكنسي. لدى انتهاء زيارة عون التاريخية إلى معراب في 18 كانون الثاني عام 2016 والتي رشّحه فيها جعجع إلى رئاسة الجمهورية، زار عون وباسيل جامعة الروح القدس والتقيا الاباتي العام حينها طنوس نعمة. وفي آب عام 2016 انتخب نعمة الله الهاشم الاباتي الجديد للرهبانية، واستمرت العلاقة بين الطرفين في لقاءات متكررة، كما جرى في خلوة زراعية لتكتل لبنان القوي في دير كفيفان عام 2019 ولتصبح أكثر قوة، لا سيما مع استئجار باسيل أرضاً من الرهبانية لبناء مقر التيار عليها على تلة استراتيجية عند موقع نهر الكلب الأثري. كما أن باسيل باتت له محطة شبه دائمة في دير مار مارون عنايا حيث أقام جعجع مراسم زفافه في عام 1987 حين كانت الرهبانيات، في عز صعود القوات، خزانها الخلفي. المفارقة أن التيار الذي يعتبر نفسه عابراً للطوائف تحول إلى حزب مسيحي، بشعارات مسيحية، وبحضور فاعل في المؤسسات الأبرشية والرهبانية، إذ يجاهر مطارنة علناً بولائهم العوني، وبخصومتهم للقوات، ومنهم من يرشح نفسه لخلافة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
في المقابل كانت القوات في العرف «الحزب اليميني المحافظ»، المسيحي بامتياز، لكنها لم تعُد تملك التأثير نفسه في المؤسسات المسيحية من الصف الأول، في مقابل انحياز فئات تصنّف في خانة «اليسار المسيحي» إليها، وتتجذر أكثر في القاعدة الشبابية في المؤسسات الكنسية المدرسية والجامعية وحتى الدينية التي تحقق تقدماً فيها. لكن، لم تعُد كلمة القوات نفسها لدى مجموع المطارنة الذين لا تملك علاقات مباشرة معهم، أو الذين لا يكنّون لها أي ود. كما لم يسجل خلال السنوات الأخيرة، لقاءات ذات فعالية بين جعجع والرهبانيات. ما يقوم به الراعي من تحولات سياسية ظرفية ومزاجية، لا علاقة له بالتوجه السياسي العام للخطاب القواتي. هو مجرد لحظة من لحظات البحث عن دور، لكن من دون مشروع. في حين أن السباق الأساسي لا يزال قائماً بين مشروعين سياسيين، يستظلان المسيح وصليبه، لاستثماره في كسب أمراء الكنيسة وفقرائها.