في الشكل، كان ملفتاً اختيار منبر بكركي لتوجيه جعجع “النداء القواتي” إلى “التيار الوطني الحر” وتكتّل “لبنان القوي” على الرغم من كلّ البيانات والبيانات المضادة والردود ونبش القبور واتهامات الفساد التي حصلت في الآونة الأخيرة بين الفريقيْن الأكثر تمثيلاً في الشارع المسيحي.
أمّا في المضمون، فكان “النداء القواتي” بمثابة محاولة لإحراج “التيار الوطني الحر” في مسألة الاستقالة من المجلس، ولا سيما أنّ “القوات اللبنانية” عملت مراراً وتكراراً على محاولة تأمين استقالة جماعية من المجلس بزعم أنّ ذلك “يسقط الشرعية” عن الأكثرية الحاكمة.
وكانت هذه المحاولات حصلت مع كلّ من تيار “المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، إلا أنّها لم تفلح في إقناعهما بذلك، واقتصرت الاستقالات من المجلس على نواب “الكتائب” إضافة إلى قرارات فردية من كتلتَيْ “المستقبل” أو “اللقاء الديمقراطي” بعد انفجار المرفأ 4 آب وعدد من النواب المستقلّين.
والملفت أيضاً في “النداء القواتي”، أنّه أتى بعد أيام من تلميح رئيس تكتّل “لبنان القوي” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إلى أنّ الاستقالة من مجلس النواب من شأنها سحب ورقة التكليف من يد الرئيس سعد الحريري، وهو ما حاولت “القوات” ملاقاته به على الرغم من كون هدف الاستقالة “القواتية” مختلف عن هدف باسيل.
فـ”القوات”، ووفقاً لكلام ستريدا جعجع من بكركي “تدرك أن ما من أمل مرجو من أي حكومة تشكّل في ظلّ هذه الأكثرية الحاكمة اليوم، ولهذا السبب نحن كـ”قوات لبنانية” غير مهتمين أبداً بالتأليف، لأنه حتى لو تشكلت الحكومة فهي ستكون نسخة طبق الأصل عن التي سبقتها ما يعني أن أوضاع البلاد لن تتحسن لأن الإصلاح الحقيقي ليس متاحا مع هذه الأكثرية الحاكمة”.
واعتبرت أنّ “الحلّ هو بإعادة إنتاج السلطة، من أجل رفع يد هذه الأكثرية النيابية عن البلاد بعد النتائج الكارثية التي أوصلتنا إليها، الأمر الذي سيفسح المجال أمام الأكثرية الجديدة لتحقيق الإصلاح المطلوب، وبالتالي الإنقاذ، ولا مجال لتحقيق كل ذلك سوى عبر الخطوة العملية الوحيدة المتاحة وهي الانتخابات النيابية المبكرة”.
“لبنان القوي” يردّ
تكتّل “لبنان القوي” سارع إلى الردّ على “النداء القواتي” في البيان الذي صدر بعد اجتماعه الدوري امس، أكّد فيه على “موقف رئيسه بأن الاستقالة من مجلس النواب قد تقدّم حلاًّ لموضوع حجز التكليف بيد رئيس الحكومة المكلّف لكنّها لا تعطي اي نتيجة فعلية بتحقيق المطالب الاصلاحية، في ظل الوضع السياسي والتوازنات القائمة في البلاد”.
واعتبر أنّ “ما يحقّق الاصلاح هو توافر قرار سياسي اكثري في البلاد، مشيراً إلى أنه – أي التكتل – “يبقى منفتحاً على امكانية الاتفاق على برنامج اصلاحي كامل وواضح تجمع عليه هذه الأكثرية ويبدأ تنفيذه فوراً ويكون اجراء انتخابات نيابية مبكرة جزءاً منه بهدف اصلاحي وليس تنفيذاً لمصلحة سياسية ضيّقة”.
لا رغبة لـ”التيار” بالتنسيق: فليبادروا ويستقيلوا!
من جهتها، مصادر “التيار الوطني الحر” تؤكّد عبر “لبنان 24” أنّ “القوات” كانت ومنذ 17 تشرين الأول 2019 تردّد معزوفة الانتخابات النيابية المبكرة “ظناً منها أنّه بإمكانها تسجيل نقاط أمام الرأي العام ومحاولة استثمارها في الشارع”.
وتوضح المصادر أنّه “بالنسبة لنا، المبدأ هو رفض الاستقالات وتفريغ مؤسسات الدولة، فنحن لسنا من دعاة التمديد للمجلس كذلك لسنا مع تقصير ولايته وهو منتخب ديمقراطياً من الشعب”.
وتلفت المصادر إلى أنّ “كلام النائب جبران باسيل الأخير حول الاستقالة من المجلس أتى من منطلق الخلاص من الأزمة الحكومية، فلا يمكن أن يبقي الحريري ورقة التكليف في جيبه إلى ما لا نهاية، ويبقي الشعب اللبناني رهينة مشاكل الحريري وأزماته الخارجية”.
وترى المصادر أنّ “لا إمكانية اليوم لسحب التكليف من الحريري، ولا الرئيس المكلّف يبدو راغباً بتشكيل حكومة على الرغم من موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على مبادرة الرئيس نبيه برّي بتشكيل حكومة من 24 وزيراً على قاعدة الـ 3 ثمانات”.
ولذلك، وفقاً للمصادر نفسها، “نحن بحاجة للخروج من هذا الأفق المسدود عبر تكليف رئيس حكومة جديد، طالما أنّ الرئيس المكلّف الحالي مستمرّ في عدم الرغبة في تشكيل الحكومة، فهذا الوقت الضائع ليس من عمر عهد الرئيس عون إنّما من عمر الشعب اللبناني”.
وتستغرب المصادر الدعوة “القواتية” إلى تنسيق الاستقالة، “فالإستقالات من المجلس لا تستوجب أي تنسيق، وإذا كانوا جادين في طرحهم ويجدون ضرورة في استقالتهم فليبادروا هم ويستقيلوا، وبالتالي يرمون الكرة في ملعب تكتّل لبنان القوي”.
وتضيف مصادر “التيار”: “نحن لا رغبة لدينا بالتنسيق معهم في موضوع الاستقالة، فالتنسيق يكون في سبيل البناء وليس التهديم، على صعيد اقتراح مشاريع قوانين والتعاون في إقرار قوانين ومراسيم وجلب استثمارات والإنماء للمناطق، وليس العكس”.