تتزاحم الملفات على الساحة اللبنانية، على وقع اتصالات دولية ومحلية للوصول الى حلحلة فيها، وتحديداً في الملف الحكومي، الذي عاد الى الواجهة مع عودة الرئيس سعد الحريري من الامارات، والتحرك الذي يقوده البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في وقت توجه النائب جبران باسيل الى موسكو للقاء المسؤولين. الاّ أن الأبرز كانت عودة ملف ترسيم الحدود الى الواجهة، في ضوء الحديث عن العودة الى طاولة المفاوضات.
ترسيم الحدود
اذاً، عادت مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل لتخرق رتابة الازمة الحكومية والسياسية في ظل معلومات توافرت في الساعات الاخيرة لـ”النهار” عن احتمال استنئناف المفاوضات في الناقورة في وقت غير بعيد. فقد علمت “الأخبار” من مصادر رفيعة المستوى بأن لبنان تبلّغ أخيراً موافقة “إسرائيل” على العودة إلى طاولة المفاوضات، وعلى ذمّة المصادر، “نقلت السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، بطلب من الوسيط الأميركي في المفاوضات جون ديروشيه، إلى قائد الجيش العماد جوزف عون، قرار استئناف جولات التفاوض يوم الإثنين المقبل في ٣ أيار”.
وبحسب “النهار” ثمة اشارات تلقاها المعنيون والمشرفون على هذا الملف تفيد بأن تطوراً ايجابياً طرأ مع ترجيح كبير بأن تؤدي هذه الخطوة والاتصالات التي تمت من دون ضجيج وبعيداً من الاضواء وستكون خواتيمها بمشاهدة الوفدين اللبناني والاسرائيلي يعودان الى طاولة المفاوضات في مقر”اليونيفيل” في الناقورة من دون ان تتوافر معلومات تفصيلية بعد عن أسس هذه العودة واي منطلقات ستعتمد في استئناف المفاوضات.
البطريرك يقود مفاوضات التأليف؟
هذا في شق المفاوضات، اما في ما يتصل بالملف الحكومي، فان أي جديد لم يسجل في التحركات على رغم تصاعد الحديث عن احتمال حصول حركة مشاورات جديدة قد تحمل احياء لإمكانات انهاء القطيعة القائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. ومع عودة الحريري الى بيروت مساء الثلثاء ترددت معلومات عن امكان قيامه بزيارة جديدة لبكركي للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي كان زار بعبدا اول من امس للتشاور معه في المستجدات واطلاعه على نتائج زيارته للفاتيكان الأسبوع الماضي كما ذكر ان اتصالا اجري بين الحريري والراعي تناول الملف الحكومي .
وفي هذا الاطار، كشفت مصادر سياسية رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ “العمل جارٍ راهناً لبلورة التصورات المشتركة على أن تبدأ النتائج بالظهور خلال الساعات الـ 48 المقبلة”. ولفتت المصادر إلى أنّ المساعي الحاصلة يقودها البطريرك الراعي وتهدف إلى إعادة جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وبينما أكدت المعلومات أنّ “مساعي الراعي لا ترتكز على مبادرة معينة إنما تنطلق من الدفع باتجاه ضرورة تشكيل حكومة بغض النظر عن عدد وزرائها، شرط ألا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي فريق فيها”، كشفت المصادر في الإطار عينه أنّ “الرئيس المكلف يتوجّس من خطر استمرار الفراغ الحكومي على البلد ويبدي استعداده لإدخال تعديلات على صيغة التشكيلة التي سبق وقدّمها، والمؤلفة من 18 وزيراً، بشكل يتيح تدوير الزوايا الحادة في عملية التأليف بالتوافق مع رئيس الجمهورية”.
وعما يتم تداوله من معلومات حول إمكانية اعتذار الحريري عن مهمة التأليف في حال استمرت المراوحة والعرقلة على حالها، اكتفت المصادر بالقول: “هذا الموضوع لا أساس له ولم يُطرح لا من قريب ولا من بعيد”.
وكشفت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة النقاب عن تفاهم معين جرى بين رئيس الجمهورية ميشال عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي في اللقاء الاخير بينهما في بعبدا منذ ايام، لإعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة الجديدة من دائرة التعطيل باتجاه حلحلة الامور وتسريع خطى التشكيل، لانه لم يعد بالامكان البقاء بدون حكومة. واذ اشارت المصادر الى ان التفاهم المذكور بقي طي الكتمان، الا انها اوضحت ان التوصل اليه كان باقتراح والحاح من البطريرك، لافتة الى ان عرضه على الرئيس المكلف، سيتم من خلال ارسال موفد من البطريرك يتولى هذه المهمة بعيدا من وسائل الإعلام. وتوقعت المصادر ان تتكشف بعض جوانب التفاهم خلال الايام المقبلة بعدما ظهرت مؤشرات واضحة لدى بعبدا وبيت الوسط بابداء مرونة للبحث في اي مقترحات من شأنها اعادة التواصل والمشاورات بينهما، في حين ان الرئيس المكلف منفتح للبحث باي افكار وطروحات لتشكيل الحكومة استنادا للمبادرة الفرنسية من دون حصول اي طرف فيها على الثلث المعطل.
باسيل في موسكو
وسط هذه الأجواء، غادر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى موسكو لإجراء محادثات مع المسؤولين الروس حول ملف التأليف، وأوضحت مصادر مطلعة على الأجواء الروسية لـ”نداء الوطن” أنّ “المسؤولين الروس لن يستقبلوا باسيل بالحفاوة نفسها التي استقبلوا بها رئيس الحكومة المكلف، بل على العكس من ذلك هم كانوا حتى مساء أمس رافضين مطلبه عقد مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إثر انتهاء المحادثات بينهما”، مشددةً على أنّ القيادة الروسية تستضيف باسيل بوصفه “المعطّل الأول والمعرقل الأبرز لمسار تأليف الحكومة، وبالتالي فإنّ المسؤولين الروس سيكرّرون على مسامعه موقفهم المبدئي والثابت، الداعي إلى تأليف حكومة إختصاصيين برئاسة الحريري من دون ثلث معطّل لأي فريق وزاري، وسيتحدثون معه من هذا المنطلق بلغة حاسمة مفادها أنّ التعطيل والتشبث بالمواقف سيؤديان إلى انهيار البلد بشكل دراماتيكي”.