ومع أن هذه القوى منخرطة في الحكومة من خلال وزراء حزبيين أو شبه حزبيين، فإنها تتقصّد عدم تشكيل حكومة جديدة حالياً، حتى لا تصبح موجودة في الحكم مباشرةً وتتحمَّل مسؤولية عن الكارثة لا يَرقى إليها الشكّ. وهي تفضِّل الانتظار حتى يحصل الانهيار وتَضيع المسؤوليات ويسقط كل شيء. عندئذٍ، تغسل أيديها «مِن دم هذا الصدّيق»، وتعود «ببراءة» إلى الحكومة.
لكنّ تهرُّب القوى الداخلية من المسؤولية لا ينفي أهمية العقدة الأساس، الخارجية، وهي: هل يشارك «حزب الله» في الحكومة أم لا، وما حجم نفوذه فيها؟ وبمعنى آخر، هل ستكون الحكومة أقرب إلى ما يريده الأميركيون أم الإيرانيون؟
هناك ترابط بين العقدتين الداخلية والخارجية. فالقوى المحلية تخوض معاركها بالوكالة عن قوى إقليمية. وفسادها جزء من آليات تمويلها الداخلي، أي انه يتكامل مع آليات تمويلها الخارجية. ولذلك، تبدي القوى الخارجية استياءها من الفساد اللبناني استنسابياً. فتحاربه عندما يكون في صفوف الخصم، وتدعمه عندما يكون لدى الحلفاء. والنماذج لا تُحصى، منذ عشرات السنين.
إذاً، الآن، هو الانهيار أولاً، وبعده تتشكَّل الحكومة. وكل الذين «يَحورون ويَدورون» في لبنان و»عواصم القرار» لا يقدِّمون ولا يؤخِّرون في ملف تأليف الحكومة. فقط، هم «يُظَبِّطون» أوضاعهم في انتظار ساعة صفرٍ، واضحٌ أنها لم تَعُد بعيدة.