ماذا يمكن أن تقدّم روسيا إلى لبنان؟ هو سؤالٌ مطروح بعد تعدد الزيارات إلى روسيا كان أولها من قبل وفد من “حزب الله” برئاسة النائب محمد رعد، وثانيها من قبل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وثالثها الزيارة الأخيرة لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، على أن يكون هناك زيارات أخرى مجدولة أهمها لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي حمادة لـ”لبنان 24″ “إن هذه الزيارات تعكس رغبةً روسيةً بالانخراط أكثر في الملف اللبناني، لكن السؤال المطروح هل هو انخراط باتجاه مبادرة روسية تأتي على حساب المبادرة الفرنسية التي تلقّت ضربات كبيرة؟”، مشيرًا إلى أنه على ما يبدو “أن التحرك الروسي أزعج الفرنسيين وهو غير منسق معهم”.
ولفت حمادة إلى إعلان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أمس الخميس عن البدء بآلية عقوبات على بعض المسؤولين اللبنانيين الذين يعطلون الإصلاح من دون أن يكشف عن الأسماء، قائلًا إن “خلفية هذا الإعلان قد تكون روسية إذ إنه أتى بالوقت الذي يتواجد فيه باسيل في روسيا، كما إنه قد يكون ردًّا على حركة وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو إلى بيروت بدعوة من باسيل حيث أطلق مواقف ضد أي عقوبات أوروبية على الأخير”.
وشدد حمادة على أن “روسيا تربط المسألة اللبنانية بالمسار السوري ويظهر ذلك جليًّا باقتحامها مؤخرًا بمسألة ترسيم الحدود البحرية الشمالية اللبنانية-السورية، خصوصًا وأنه من الناحية السورية فإن روسيا هي التي تملك عقود التنقيب والاستكشاف”، مشيرًا إلى أنه في الجانب اللبناني “فهي موجودة عبر عقود التنقيب مع “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية، إضافةً إلى أن لديها عقودًا لإعادة تأهيل خزانات الوقود في طرابلس، ولذلك فهي تحاول الدخول إلى الساحة اللبنانية من الزاوية السورية-اللبنانية، ومن جهة التنقيب عن النفط، وتحاول أيضًا أن تقفز فوق متاعب المبادرة الفرنسية”.
ولكن حتى لو تمكنت روسيا من الدفع بالتقدمٌّ في المسألة الحكومية هل تنجح بإنقاذ الوضع الاقتصادي على المستوى البعيد؟
يستبعد حمادة هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه “حتى لو حصل تقدّمٌ على الصعيد الحكومي بواسطة الروس، فإن مفتاح الحل الاقتصادي والمالي موجود في الغرب والدول العربية الغنية لأن روسيا لا تمتلك القدرة على الانقاذ الاقتصادي وإعادة لإعمار في لبنان”.
التقارب الخليجي-الإيراني
توازيًا مع التحرك الروسي، يشهد العالم إقليميًّا تطوراً ملحوظًا في تحسن العلاقات بين الدول الخليجية وإيران ما يؤثر بشكلٍ أو بآخر على الوضع اللبناني وشكل الحكومة، خصوصًا وأن هناك شائعات بأن السعودية لم تعد ترغب بوجود الحريري على سدة رئاسة الحكومة. وفي هذا الإطار، يشير حمادة إلى أن “علاقة السعودية مع الحريري غير خاضعة لأفكارٍ مسبقة لكنها خاضعة لما يمكن أن يقدمه على صعيد تشكيل الحكومة وإدارتها، وبالتالي فإن السعودية تحكم على الأفعال وليس على الأسماء”، لافتًا إلى أن السعوديين “ليس لديهم مرشحٌ مفضل من جهة ولا مرشّح مستبعد من جهة أخرى”.
ومما لا شك فيه أن لبنان اعتاد “من يوم يومه” أن يكون وضعه مرتبطًا بالتطورات الخارجية، ولهذا السبب يرى حمادة أن “الأفق الوحيد الذي يمكن أن نرى النور من خلاله يمكن أن يكون من خلال العمل على الهدنة السعودية-الإيرانية من خلال حل الملف اليمني، بحيث أن التهدئة في اليمن من الممكن أن تنعكس إيجابيًّا على لبنان”.