بعيداً عن العقوبات.. خطوة واحدة قد تطوّق باسيل

1 مايو 2021

قبل أيام قليلة، خرج نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بطرح جديد يشيرُ إلى ضرورة إيلاء المسيحيين المستقلين في مجلس النواب أهميّة بارزة على صعيد عملية تشكيل الحكومة، واعتبار أن مسألة تمثيل هؤلاء فيها “أمرٌ لا يجب المساومة عليه”.

وفي قراءة لما بين السطور، فإن طرح الفرزلي فسّره البعض بأنه حركة تهدف إلى تطويق النائب جبران باسيل بالدرجة الأولى وتقييد شروط الأخير في عملية تشكيل الحكومة. وفعلياً على الأرض الواقع، فإن طرح نائب رئيس مجلس النواب يحتاجُ إلى تفسيرٍ وأرضية لنجاحه، فمن يقصد الفرزلي بالنواب المستقلين؟ وكيف يمكن أن ينجح طرحه؟












في حديثه عبر “لبنان24”، يشير الفرزلي إلى أنه “عندما تحدث عن النواب المسيحيين المستقلين، فإنه لم يقصد أسماء معينة”، وقال: “كل شخص يمكن أن يعتبر نفسه مستقلاً وأنا اعتبر نفسي كذلك، وأعتقد أن هناك غيري أيضاً يرون أنفسهم مثلي، ولكنني لست مسؤولاً بالتحدث عنهم”.

ومع هذا، فقد وجه الفرزلي سهامه بشكل غير مباشر إلى باسيل، إذ انتقد الآلية التي لجأ إليها الأخير مع النائب طلال ارسلان خلال انتخابات العام 2018 لتشكيل كتلة “فرعية” يتم استخدامها عند الحاجة للحصول على وزراء. وحينها، طرح الاخير نفسه على أنه مستقل، واستفاد منه باسيل لتشكيل كتلة “ضمانة الجبل” بعد ضم شخصيات مسيحية حزبية إليها من التيار “الوطني الحر”.


وبناء على ذلك، خاض ارسلان الانتخابات وفاز مع النواب المسيحيين الذين انضموا اليه باسم “ضمانة الجبل”. وبعد الاستحقاق الانتخابي، عاد نواب تلك الكتلة وانضموا إلى تكتل “لبنان القوي”.

وفي الحقيقة، فإن ارسلان هو فردٌ لوحده، وقام باسيل باعطائه نواباً لتشكيل كتلة يمكنها الضغط لتحديد اسم وزير درزي في أي حكومة، على اعتبار أن “ارسلان بيطلعلو متل غيرو لأنو رئيس كتلة”.

غيرَ أن الحقيقة هو أن الوزير الدرزي الذي سيأتي على اسم ارسلان، سيكون تابعاً لباسيل بشكل غير مباشر، وما يحصل هو أنه تتم تسميته عبر كتلة فرعية (ضمانة الجبل)، أي بعيداً عن اسم “لبنان القوي”.

 ولهذا، فإن كل ذلك يعني إن باسيل يستخدم كتلة ارسلان (التي يروّج لها على إنها مستقلة) عند الحاجة، من أجل تحصيل وزير سيكون في النهاية محسوباً عليه. وبعد الانتهاء من ذلك، تعود كتلة “ضمانة الجبل” جزءاً من كتلة “لبنان القوي”. وإزاء هذا الأمر، فإن باسيل يكون قد حصل وزراء في الحكومة باسم كتلته وجميع النواب فيها، كما إنه يستخدم بعضاً من هؤلاء في كتل أخرى مثل “ضمانة الجبل” لتحصيل وزراء آخرين بشكل غير مباشر.

 وهنا، فإن الفرزلي انتقد هذا المبدأ بشكل كبير بغض النظر عن اسم ارسلان أو غيره، وقال: “أكن له كل الاحترام، ولديه الحق في الحصول على وزير في الحكومة”.

 ومع هذا، قال الفرزلي إن الرئيس الحريري يعلم من هم النواب المسيحيون المستقلون في مجلس النواب، وأضاف: “شامل روكز مستقل، وايدي دميرجيان مستقل وإيلي الفرزلي أيضاً، وكل من يريد أن يدعي أنه مستقلاً سيتم اعتباره كذلك”.

وأردف: “إذا كنت أنا من كتلة الحريري، وشئت أن أكون مستقلاً برأيي في عملية اختيار وزير في الحكومة.. فما المشكلة إذا كانت هناك توافق على ذلك بيني وبين الحريري؟”.

“لقاء تشاوري مسيحي”؟

واستنتاجاً مما يقوله الفرزلي، فإن ما يمكن أن يحصل لتطويق باسيل هو إنه يمكن لنواب مسيحيين في كتل سياسية مناوئة للأخير أن يقولوا، وبالتنسيق مع رؤساء كتلهم، إن لديهم رأيا خاصا بتشكيل الحكومة وبأسماء الوزراء فيها. عندها، يمكن أن يجتمع هؤلاء ويخلقون كتلة جديدة على غرار “اللقاء التشاوري السّني” الذي ولِد خلال المفاوضات لتشكيل حكومة الحريري الأخيرة قبل انتفاضة 17 تشرين الأول عام 2019.

وفعلياً، فإن الكتلة الجديدة (لقاء تشاوري بصبغة مسيحية)، قد يقودها الفرزلي، وستضغط باتجاه تسمية وزراء في الحكومة، ما يعني إنها ستساهم في سلب باسيل حصرية تسمية كامل الوزراء المسيحيين. وفي الواقع، فإن هذه الخطوة، إن حصلت، ستكون على غرار ما فعله باسيل، أي استخدام كتل فرعية بشكل مباشر عند الحاجة للضغط باتجاه ملف معين.