ليس مَن يكبح جماح جماعة تحكم بهذا الشكل التعسفي، متجاوزة انتفاضة شعبية هدرت في الشوارع والساحات مطالبة بالتغيير، بل امعنت في ممارساتها رغم الإفلاس الكامل والشامل ، وهي حالة فريدة من قلة التفكير والإدراك تتستر خلف شعارات الدستور والميثاق بينما الجوع يعم كل الطوائف.
رغم حالة التقهقر ، لم يدرك أصحاب الشان بأن مصير الطغيان هو السقوط المدوي في الشارع ، بل هناك من يهمس سرا بأنه جرى تمرير قطوع صخب الشارع نتيجة إحباط الناس وسأمهم من إمكانية التغيير بعد كل ما حصل، ما يعتبر فرصة سانحة عند أولياء الأمر التفرغ للسلطة وحساباتها.
تفيد قراءة متابعة لمسار تكليف الحريري بنجاح جبران باسيل بفرض مطلبه بعدم السماح للحريري بتشكيل حكومة من دون ابرام إتفاق للمرحلة المقبلة ، بما في ذلك مرحلة الفراغ الرئاسي المحتوم ، وخير دليل الرسالة التي جرى تعميمها “سعد وجبران او لا يعود الأول للسلطة”.
ووفق القراءة عينها، فإن باسيل أضاف إلى قائمة شعاراته الإصلاح والتدقيق الجنائي وتحصين القضاء، وهو ما عجز عن القيام به طوال الفترة الماضية ويوحي بتحقيقه خلال العام الاخير من عهد عون، في حين ان المطلوب باسيليا الاتفاق على ما بعد انقضاء عهد عون ، خصوصا وان باسيل سيخسر توقيع بعبدا وهذا يعني له الكثير.
هنا يبرز التساؤل حكما عن قدرة باسيل على التخلص من تكليف الحريري والنجاح في ازاحته ما يجعله حكما “الرجل الخارق” في السياسة اللبنانية، وهذا ما كشفه علنا باسيل خلال اطلالته الأخيرة عندما تحدث عن خيارات متعددة منها الاستقالة من مجلس النواب لسحب ورقة تكليف الحريري.
يؤكد مراقبون ، بأن الأمور ليست بهذه البساطة نتيجة عدة عوامل ابرزها حدة الاحتقان الذي قد يولد الانفجار الكبير في الشارع بعد رفع الدعم كما المناخ الخارجي الذي لا يمنح الحياة إلى “افكار جبران واقتراحاته” فباريس وواشنطن وموسكو والفاتيكان و غيرها تؤكد على وجوب تشكيل حكومة مستقلين خارج المنطق السابق.
كما يشير هؤلاء إلى حركة “ملائكة وشياطين” نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي خلال هذه المرحلة بما يجعله” شريك مضارب”، ولعل المؤشر الأساسي يكمن في رفع شعار أحقية تمثيل النواب المسيحيين المستقلين بالتزامن مع عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين.