محاولة باريس الأخيرة لن تُحدث خرقاً

4 مايو 2021
محاولة باريس الأخيرة لن تُحدث خرقاً

كتبت هيام قصيفي في”الاخبار”: لا يعوّل كثير من الأوساط السياسية اللبنانية على قدرة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان على تحقيق أيّ خرق في المشهد الحكومي. المفارقة أن مصادر فرنسية معنية ومطّلعة على ما يرافق الزيارة، لا ترى فيها، أيضاً، سوى «محاولة أخيرة» تقوم بها باريس لإيجاد حل للأزمة اللبنانية العالقة، من دون توقّع أي مستجدّات تبدّل من حال الجمود الحالية. صحيح أن باريس تعبّر، من خلال رفع مستوى اهتمامها عبر إيفاد جان إيف لودريان تحديداً وليس موفدين رئاسيين ودبلوماسيين كما حصل في الأشهر الأخيرة، إلا أن الرهان يجب ألا يكون كبيراً، وفق عدد من المعطيات والعوامل التي تحيط بالزيارة الفرنسية.

لا يتم التحرك الفرنسي المتجدد بتنسيق مع الرياض ولم يحُز رضاها. لا تزال الرياض على موقفها غير المبالي بالتشكيل الحكومي، لا بل إن كلام دبلوماسييها بات مكشوفاً في تناول الرئيس المكلف سعد الحريري من دون قفازات. والسعودية لا ترغب في إعطاء أي فرصة للتحرك الفرنسي، وهي كانت واضحة في إبلاغ موقفها المتراوح بين التجاهل التام للتحرك الفرنسي، وبين النصيحة بأن أي نتيجة لن تسفر عنه. والكلام عن أي حوار سعودي في المنطقة مع إيران أو غيرها، لا علاقة له بلبنان لا من قريب ولا بعيد، كما أن لا صلة له بموقف السعودية تحديداً من الحريري وعدم مباركتها لعودته إلى رئاسة الحكومة. وتبعاً لذلك يمكن التكهّن سلفاً بمستقبل التحرك الفرنسي إذا كان أحد الأطراف الرئيسية في أي تسوية، مصرّاً على عدم التدخل، لا بل إظهار عدم الرضى عن أيّ تحرك خارج التنسيق معه.

أما من جهة واشنطن فإن التحرك الفرنسي لا يتم أيضاً بالتنسيق معها، ولو أن زيارة لودريان تتزامن مع انطلاق التفاوض مجدّداً بين لبنان وإسرائيل، برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة. فلواشنطن اهتمامات مختلفة تماماً عن باريس. ما يعني واشنطن هو انطلاق التفاوض، على الأقل من أجل الإبقاء على العملية في حدّ ذاتها قائمة، في انتظار بلورة الأوضاع والحوارات الدائرة في المنطقة. فبعد موقفها الرافض لتوقيع المرسوم حول الحدود البحرية، الذي أبلغت المعنيين في لبنان رسمياً رفضها له، باتت عملية انطلاق التفاوض واجبة من باب الضرورة لإبقاء فكرة التفاوض حيّة، من دون توقّعات كبيرة بتحقيق تقدّم سريع.
تكثر الإشارات عن تنسيق فرنسي – روسي في شأن إطلاق عجلة التفاوض الحكومي، خصوصاً أن روسيا فتحت أبوابها لقوى سياسية لبنانية أخيراً. لكن أيّ تنسيق فرنسي – روسي يعني حتى الآن أنه تنسيق على مستوى الصف الثاني من الدول المؤثرة في صياغة قرارات تتعلق بتسوية حكومية وما وراءها، من ترتيب لإنقاذ لبنان من أزمة اقتصادية وسياسية. فالقرار اليوم ليس في باريس أو موسكو. إنما في مكان آخر، مع صنّاع قرار من نوع آخر.