إنها المحاولة الأخيرة أو “الخرطوشة” الأخيرة التي تقوم بها فرنسا لإيجاد حل للأزمة اللبنانية ولحث المسؤولين على تدارك خطورة الوضع وتقديم التنازلات رأفة بمصير لبنان واللبنانيين.
لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان في كل أزماته، لكن ما حصل بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 أدخلها بزخم أكبر على خط الأزمة اللبنانية. في أقل من شهر حط الرئيس ايمانويل ماكرون مرتين في لبنان في سابقة لم نشهدها من قبل، أطلق المبادرة الفرنسية للمساعدة على تسهيل تشكيل حكومة وحث على تنفيذ الإصلاحات منعا من انهيار لبنان ودخوله في المجهول.
لكن مبادرته فشلت أو “أفشلت”، ولم ينفع مع المسؤولين اللبنانيين لا الضغط ولا التأنيب ولا التهديد بفرض عقوبات على المُعرقلين، حتى ماكرون يئس منهم وأوكل مهمة متابعة إحياء المبادرة الفرنسية لوزير خارجيته جان ايف لودريان، لانشغاله بأموره الداخلية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في فرنسا التي ستجري العام المقبل، فمشاكله الداخلية كثيرة لاسيما مع ما يُعانيه الاقتصاد الفرنسي نتيجة جائحة كورونا.
ففشل مبادرة ماكرون في لبنان سيستغله خصومه في الداخل وسيكون هذا الأمر ورقة بيدهم لعرقلة إمكانية التجديد له لولاية ثانية .
ماكرون يُرسل إذا لودريان إلى لبنان في زيارة تستمر ليومين وتبدأ غدا الأربعاء هدفها الأساسي ممارسة المزيد من الضغط على القيادات اللبنانية من أجل تشكيل الحكومة.
رغم انه لا يُعوّل كثيراً على هذه الزيارة، فكل المعطيات تُشير إلى ان لودريان يحمل رسالة قوية للسياسيين بضرورة التوصّل إلى تفاهم ما ،وسيحذر من عواقب عدم تشكيل حكومة وسيثير مخاوف فرنسا من الانفجار الكبير الذي يتربص بالبلد والمتوقع قريباً.
وكان لودريان قد لوّح منذ ايام بأن بلاده تضع لمساتها الاخيرة على عقوبات ستفرضها باريس على الفاسدين في لبنان وعلى مَن يعطّلون الحل السياسي والحكومي.
هو يأتي وفي جيبه “ورقة” العقوبات التي سيُهدد بها المعرقلين لدفعهم إلى التخلي عن التعطيل المنهجي تحت طائلة إعلان أسمائهم ما يعني التشهير بهم.
لائحة من 40 اسما
وفي هذا الإطار تم تداول معلومات بأن باريس وضعت لائحة من 40 اسماً تضم شخصيات لبنانية من كل الأطياف والمشارب السياسية.
هذه العقوبات تشمل منع دخول هذه الشخصيات الأراضي الفرنسية او سحب التأشيرات عنهم، وقد تصل الى حد الحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، وتفيد المعطيات بأن الدوائر الفرنسية المختصة تعكف على دراسة الملفات للأشخاص المعنيين.
علما انه يوجد عائق قانوني فبعض هذه الشخصيات يملك الجنسيتين اللبنانية والفرنسية وهذا الأمر يطرح إشكالية قانونية، لأنه لا يمكن منع أي مواطن فرنسي من دخول الأراضي الفرنسية.
أسماء من العيار الثقيل
هذه العقوبات إن فرضت رسميا ستضايق هذه الشخصيات باعتبار أنّ باريس حركة التنقّل الأساسية لهم ومن بينهم العديد ممن يملكون منازل ومصالح في فرنسا أو أولادهم يدرسون في مدارس وجامعات فرنسية.
وفي حال مُنعوا من دخول فرنسا، يعني ذلك منعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي لأنّ أي دولة في الاتحاد ترفض إعطاء فيزا “شنغن” لهؤلاء الأشخاص، فلن يحصلوا حينها على تأشيرة دخول إلى أي بلد أوروبي. إضافة إلى ان هذا الأمر سينعكس سلباً لاحقا على الأسماء الممنوعة لجهة السفر إلى أيّ بلد في العالم.
أما كيف سيتم إبلاغ الشخصيات المُعاقبة، فتشير المعلومات إلى ان باريس قد تعمد إلى نشر اللائحة رسمياً، أو قد تلجأ إلى إبلاغ كل شخصية على حدة مع “الأسباب الموجبة”.
وتؤكد المعلومات ان بعض الأسماء ستشكّل مُفاجأة من العيار الثقيل، وستثير بلبلة.