كتبت ميسم رزق في “الاخبار”: تتوسّع دائرة الأسئلة عن السقف الذي على أساسه عاد لبنان إلى طاولة التفاوض، مع التخوّف من إمكانية أن يكون قد تعهّد بتقديم تنازلات وعادَ البحث الى نقطة ما قبلَ الخط 29.فالوفد العسكري ــــ التقني المفاوض الذي التقى الرئيس ميشال عون قبلَ يوم واحد من الجلسة وسمِع منه بأن الموقف الرسمي للبنان هو «استكمال التفاوض من حيث انتهى، أي طرح الخط 29»، ذهبَ الى الجلسة على هذا الأساس، حيث أعاد طرحه وفقاً للخرائط والإحداثيات الجديدة. وبحسب مصادر مطلعة، «لم يفاوض الوفد العدو الإسرائيلي بشكل غير مباشر، بل كان يفاوض الوفد الأميركي برئاسة السفير جون ديروشيه». ووفقَ المعلومات «بدأ الوفد اللبناني نقاشه بالكلام عن الخط 29، لكن المفاجأة كانت في أن الوسيط الأميركي أكد أن العودة الى طاولة المفاوضات أتت بناءً على شرطين أساسيين تبلّغهما رئيس الجمهورية، وهما: أن التفاوض سيكون محصوراً بينَ الخطين 1 و23، أي المنطقة المتنازع عليها، ومن ثم البحث في المكامن المشتركة». الوسيط نفسه رفض دفاع الوفد اللبناني عن الخط 29 المرتكز على إحداثيات وخرائط، على اعتبار أن «لا أرضية قانونية له، وأن الخط الوحيد المعترف به دولياً هو خط الـ 23 المحدد بمرسوم جرى إيداعه لدى الأمم المتحدة»، مستغرباً «عودة الحديث عن الخط 29، وخصوصاً أن لبنان لم يوقّع مرسوم التعديل»! ولم تحرز هذه الجلسة أي تقدّم وفقَ ما قالت المصادر، فالساعات الخمس «كانَ النقاش فيها يدور بشأن هذه النقطة».
وفي هذا الإطار، استغربت أوساط على بيّنة من الملف، «الحديث عن استكمال المفاوضات من دون شروط مسبقة، واعتماد القانون الدولي والتمسّك بخط الـ 29، الذي لا يُمكن ترسيخه إلا من خلال مرسوم أو رسالة الى الأمم المتحدة. فحتى ولو كانَ خطاً تفاوضياً، يمكنه ان يفتح الباب أمام الحصول على أكثر من 860 كيلومتراً مربعاً، بينما حصر النقاش بينَ الخطين 1 و23، يعني أنّ العدو الإسرائيلي سيضغط في اتجاه نتيجة واحدة، وهي قبول لبنان بخط هوف، ما يعني حصول لبنان على نحو 550 كيلومتراً مربعاً لا أكثر».
وأشارت مصادر «البناء» إلى أنّ «الوفد العسكري اللبناني تمسّك خلال الجلسة بالخط 29، لكنه أبدى انفتاحه على النقاش في إطاره القانوني والعلمي وليس في الإطار السياسي». وتضيف المصادر أن «جلسة أمس، كانت لتنشيط الذاكرة وضبط المسارات، لكن جلسة اليوم هي الحاسمة على صعيد تحديد الاتجاهات ونتائج المفاوضات، كما أنها ستغوص بالتفاصيل التقنية والقانونية والعلمية، وبالتالي إما ستكون النتائج إيجابية وتُحرز تقدّماً في المفاوضات باتجاه الحل، وإما تكون نسخة عن الجولات السابقة، وبالتالي تجميد المفاوضات مجدداً وتشريع الباب أمام سيناريوات أخرى، ومنها بدء «إسرائيل» عملية التنقيب في حقل كاريش (حقل قانا اللبناني/ رقم 9) ما سيؤدي إلى توتر عسكريّ على الحدود».
ويرى خبراء عسكريون واستراتيجيون في حديث لـ«البناء» أنّ «»إسرائيل» مجبرة على وقف التنقيب في المنطقة المتنازع عليها، أو أن تواجه اختبار القوة الدبلوماسيّة والميدانية اللبنانية». ويوضحون أن «تمسك لبنان بالخط 29 مع استئناف المفاوضات يجبر «إسرائيل» على وقف التنقيب في مساحة 2290 كلم مربع بما تشمل حقل كاريش».