كتب جورج شاهين في “الجمهورية”:طارت الجلسة السادسة من المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل التي كان يرغب الراعي والمسهل الاميركي في عقدها عندما وجّه الدعوة الى الجانبين الى محادثات تمتد ليومين. وان كان السبب الظاهر هو رفض الوفد اللبناني العودة الى منطقة الـ 860 كيلومتراً فإنّ هناك اسبابا أخرى سدّت الطريق الى المفاوضات.
وكما بات واضحاً فقد بات تحديد موعد الجلسة المقبلة رهناً بنتيجة المفاوضات التي تعهّد بها رئيس الجمهورية في لقائه مع اعضاء الوفد امس الأول الذي انتهى الى معادلة بسيطة: ان لم يسحب الجانب الوسيط والعدو معاً شرطهما بمنطقة الـ”860 كيلومترا” لن يعود الوفد اللبناني الى طاولة المفاوضات. وعليه، فإنّ ساعات ليل أمس الأول لم تكن كافية لمعالجة الموضوع، فانسحب الفشل في اقناع الاميركيين بالعودة عن شرطهما على تأجيل موعد الجلسة السادسة من دون القدرة على ترقب ما هو مقبل من تطورات، خصوصاً ان أظهر الوفدان الاميركي والاسرائيلي اصراراً على العودة الى المنطقة المتنازع عليها سابقا فسيكون من الصعب التفاهم على موعده لألف سبب وسبب، ولربما جمدت المفاوضات الى أمد جديد ليس في قدرة احد التكهّن به ويمكن ان يضم هذا الملف الى لائحة الملفات الخلافية العالقة والمجمدة.
ثمة من يعتقد ان الدخول في مرحلة المقايضات ستكون له تأثيراته السلبية على مهمة الوفد العسكري المفاوض، وهو امر لن يصبّ إلّا في مصلحة الجانب الإسرائيلي الذي وفّرت له المواقف اللبنانية المترددة الأخيرة فرصة إضافية ثمينة لاستكمال الخطوات التي ينوي القيام بها للبدء في استثمار حقل “كاريش” في حزيران المقبل، فتتحول خطوته هذه امرا واقعا جديدا ليس من السهل تجاوزه. فلبنان يتخبّط في أزماته السياسية والحكومية تاركاً الوفد المفاوض بلا قاعدة رسمية داعمة، ولن ينفع الدعم الشعبي والإعلامي في توفير ما يمكن ان توفره المواقع التي أناط بها الدستور صلاحيات رعاية المفاوضات مع اي دولة خارجية حتى النهايات الضامنة لها.
والى هذه الأسباب المتعددة الوجوه، ثمة رأي آخر ينزع عن المفاوضات الجارية الجوانب التقنية والعسكرية والعلمية ليضعها في الميزانين السياسي والديبلوماسي، فالتجارب السابقة اظهرت انّ قوة القانون المحلي والدولي ومعهما المنطق عاجزة عن مواجهة “منطق القوة” الذي يستخدمه العدو الإسرائيلي فكيف ستكون عليه الحال ان ثبت انحياز الجانب الأميركي اليه في الشكل الذي ظهر في الجلسة الأخيرة؟
ومن دون عناء في البحث عن النتائج المقدرة فإنّ ما هو مرتقب يثير القلق على مصير المفاوضات، والأخطر ان انسحب على حق لبنان بالمنطقة الإضافية التي سعى اليها الوفد المفاوض. هذا عدا عن النتائج المرتقبة لمثل هذه الأجواء غير المريحة. وعليه، سيطرح سؤال وجيه مفاده: ماذا ستكون عليه ردات الفعل على فشل المفاوضات؟ ومن يضمن حق لبنان بالمناطق الإضافية؟ وهل علينا ان ننساها لتسديد أثمان سياسية آنية تضيع الحقوق اللبنانية؟ وماذا سيكون عليه الوضع في حال وصلنا الى المرحلة االتي يستذكر فيها الوفد اللبناني نظرية “وَصّلتونا لنص البير… وقطَعتوا الحبلة فينا”. وهو ما ستترجمه الاجوبة المجهولة – المعروفة على مجموعة الأسئلة هذه؟
المصدر:
الجمهورية