كتب حبيب معلوف في “الأخبار”: أظهرت كارثة نفوق عشرات الأطنان من الأسماك في بحيرة القرعون أن التلوث في البحيرة خرج عن أي سيطرة، وأن الحياة فيها لم تعد ممكنة
تؤشر موجة نفوق أسماك الكارب في بحيرة القرعون، بما لا يترك مجالا للشك، إلى أن الأوان قد فات تماماً لإنقاذ البحيرة ونهر الليطاني من التلوث الذي قضى عليهما. إذ أن هذا النوع من الأسماك يعدّ الأكثر مقاومة بين بقية الأنواع لشتى أنواع التلوث، والأكثر قدرة على العيش في ظروف غير آمنة كنقص الأوكسيجين. وهناك شكوك قوية في بقاء أي نوع حي في البحيرة. أما الأسماك الصغيرة التي لا تزال تُرى بالعين المجردة، فقد تكون لصغار الكارب لأننا في موسم تزاوج هذا النوع، ولأنها أكثر قدرة من الأسماك الكبيرة على السباحة على سطح الماء، إلا أنها على الأرجح ستنفق عاجلاً أم آجلاً.
عام 2011، تناقص منسوب البحيرة إلى حد جعلها أشبه ببركة صغيرة ملوّثة تماماً، ولم يبقَ أحياء فيها يومها سوى الكارب الذي أُدخل إلى البحيرة في السبعينيات لأنه سريع النمو ويُستفاد من لحمه. علماً أن هذا النوع من الأسماك يقضي على التنوع البيولوجي، تماماً كالسيانوبكتيريا التي تفرز السموم في البحيرة وتقضي على الأحياء الأخرى.
بين عامي 2015 و2016، أجرت الهيئة الوطنية الصحية (يترأسها الدكتور اسماعيل سكرية)، بالتعاون مع كلية الصحة في الجامعة اللبنانية (فرع البقاع) وقسمي السرطان والهندسة البيئية في الجامعة الأميركية، دراسة حول علاقة تلوث حوض الليطاني بتزايد الإصابات بأمراض السرطان بين سكان الحوض، وجاءت النتائج مرعبة مبيّنة أن نسبة الإصابات تزيد بنحو خمسة أضعاف عن النسبة العام. إلا أن نتائج الدراسة لم تُثِر همة المسؤولين، بل حرّكها قرض البنك الدولي (55 مليون دولار) وقانون الـ 1100 مليار ليرة التي أقرها مجلس النواب لتنظيف الحوض عام 2016، رغم التحذير من أن هذه الأموال ستذهب هدراً ما لم تعالج مشكلتان أساسيتان، هما وقف قطع مجرى النهر بالسد ووقف التلوث من مصادره. هكذا، وصلنا إلى كارثة الأسماك الملوثة وموت البحيرة وتهديد حياة السكان من حولها. علماً أن الكارثة لا تقف عند هذا الحد. إذ أن الدراسات حول أثر تلوث البحيرة ونهر الليطاني على المزروعات التي تعتبر أهم مورد حياتي للبنان، كانت كافية لدق ناقوس الخطر منذ زمن، لكن أحداً لم يهتم. كما لم يُدرس أثر هذا التلوث على التربة والمياه الجوفية التي لن تتعافى بسهولة حتى ولو توقف التلوث فوراً، وهو أمر مستحيل!
المصدر:
الأخبار