مبادرة ماكرون خارج الخدمة.. والعقوبات في رمال الانتخابات الفرنسية

7 مايو 2021

سقطت المبادرة الفرنسية، لتسقط معها حكومة المهمة، مع انقلاب رؤساء الأحزاب والكتل السياسية كافة على ما تعهدوا به خلال لقائهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر.
أسقطت المنظومة السياسية عمدا المبادرة الفرنسية بكل مندراجاتها ، فهي تعاطت مع الحراك الباريسي بلامبالاة وعدم اكتراث سواء بالنسبة للدعوات الفرنسية لضرورة تشكيل حكومة سريعا  تكون مهمتها الاساسية إجراء الاصلاحات اللازمة، أو لجهة التهديدات بفرض عقوبات على معرقلي التشكيل، ربما لأن المعنيين بالتأليف يتطلعون الى ما هو ابعد من الدور الفرنسي، ويبنون آمالا على مفاوضات النووي الايراني، واللقاءات الايرانية- السعودية في العراق، والتواصل السوري- السعودي، وهي مسائل  من شأنها  كلها  ان تعيد ترتيب البيت اللبناني وفق التسويات المتبعة منذ زمن، لاعتقاد القيادات السياسية ان الدور الفرنسي يكاد يكون بلا سند دولي او اقليمي حقيقي طالما ان الملف اللبناني في اخر سلم أولويات  الولايات المتحدة  راهنا كذلك الامر بالنسبة إلى السعودية التي يهمها بالدرجة الاولى من التفاوض مع إيران حل الملف اليمني، عطفا على معارضتها تأليف حكومة برئاسة الرئيس سعدالحريري، هذا فضلا عن الاهتمام الدولي والاقليمي المنصب على الانتخابات الرئاسية في إيران وفي سوريا. 

وفي  رأي هذه القيادات  أن الملف اللبناني مؤجل إلى حين عند تلك الدول، علما ان هناك تأييدا اميركيا بالشكل للمبادرة الفرنسية عبر عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ودعما روسيا عبر عنه اكثر من مسؤول في موسكو التي تدعم تحرك باريس تجاه حل الأزمة اللبنانية، و لا تطرح اي مبادرة لحل الأزمة الحكومية، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لن يزور لبنان إلا بعد تفاهم القوى السياسية على  تشكيل الحكومة.

لم يحمل أي جديد على الصعيد الحكومي، وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان خلال زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري  واجتماعه بالرئيس المكلف سعد الحريري في قصر الصنوبر، فطبق التشكيل الحكومي غاب عن كلام لودريان في قصر بعبدا رغم محاولة رئيس الجمهورية الإضاءة على هذا الملف مرارا  لجهة التأكيد على أهمية المحافظة على الميثاقية والتوازن وعدم الاخلال بصلاحيات رئيس الجمهورية ، علما أن لودريان الذي غادر بعبدا من دون الادلاء بأي تصريح كذلك عين التينة، كان لقاؤه مع الرئيس بري ايجابيا، بحسب مصادر عين التينة، حيث أكد أهمية الدفع  نحو حل الأزمة سريعا وضرورة الاستفادة من المبادرة الفرنسية في ظل الظروف الراهنة، وهذا ما ناقشه الوزير الفرنسي أيضا مع الرئيس الحريري لجهة تحقيق التفاهمات قبل فوات الأوان، علما أن الأمور لا تميل الى الحلحلة طالما أن الحريري لا يزال مصرا على موقفه الرافض الاجتماع برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. زيارة لودريان إلى بيروت زادت المشهد سوداوية، فالمبادرة الفرنسية او ما يعرف بالفرصة الأخيرة لانقاذ لبنان من الانهيار، في غيبوبة، تنتظر  إما إيقاظها أو دفنها، علما أن الاحتمال الأول شبه مستبعد في ظل الصراع الحاصل بين الحريري وباسيل الذي يحاول الاصطياد  في مياه الانتخابات الرئاسية الفرنسية  مستفيدا من اليمين الفرنسي  الذي لا يزال رافضا فرض عقوبات على قوى مسيحية في لبنان، فهل تدفن العقوبات في رمال الانتخابات الفرنسية؟ الأكيد، ان  لودريان نقل رسائل تحذير شديدة اللهجة من الرئيس ماكرون الى من التقاهم، حيال اما الالتزام بمندرجات المبادرة الفرنسية او لكل حادث حديث في إشارة إلى سلاح العقوبات، ويتقاطع ذلك مع اعلان الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية  انياس فان دير مول مساء امس  انه “تم  بالفعل اتخاذ إجراءات على الصعيد الوطني بهدف منع دخول  الأراضي الفرنسية للشخصيات اللبنانية المتورطة في العرقلة السياسية والفساد. ونحتفظ بالحق في اتخاذ تدابير إضافية إذا استمر التعطيل.  ولقد بدأنا مناقشات مع شركائنا الأوروبيين حول التدابير المتاحة للاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط من أجل الخروج من الأزمة”.