هل يقع خلاف سوري إيراني في لبنان؟

8 مايو 2021
هل يقع خلاف سوري إيراني في لبنان؟

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: لن يُزعِج إيران أن تتمّ أي صفقة بين الروس والأسد من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين من جهة أخرى، إذا كانت ستؤدي إلى تدعيم حضور حليفها الأسد وتوسيع الاعتراف بشرعيته، شرط أّن لا تمسّ بنفوذها.

وفي العمق، تدرك طهران أنّ لا الأسد يستطيع أو يريد التفريط بالتعاون الاستراتيجي القائم معها، ولا الروس راغبون في ذلك. وتالياً، هي مطمئنة إلى أنّ حضورها سيبقى فاعلاً داخل المؤسسات وعلى الأرض في سوريا ولبنان، بمعزل عن أي تعهُّد يرتبط به الأسد.في شكل معاكس، تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يحصلوا من الأسد، ومن الراعي الروسي في شكل أدقّ، على تعهُّد موثوق فيه بأنّه سيتخلّى عن ارتباطه العضوي بإيران، ما يقود إلى إضعاف نفوذها في دمشق، وتالياً في بيروت.

وفي هذا الشأن، يُعبِّر خبراء ومسؤولون أميركيون ذوو خبرة عميقة في الشرق الأوسط عن شكوكهم. ومِن هؤلاء ديفيد شينكر، الذي رأى في مقال نشره أخيراً «معهد واشنطن»، أنّ التطبيع مع سوريا سيتيح للأسد تدعيم نفوذه، ولكن لن يدفعه إلى قطع علاقته الاستراتيجية مع طهران.سيكون الأسد في موقع دقيق لجهة وفائه بالالتزامات. وعلى الأرجح ستكون صفقة التطبيع مع العرب جزءاً من ملامح صفقات أخرى أكثر اتساعاً. وسيكون عليه، مقابل حصوله على تغطية سياسية عربية ودولية لموقعه في السلطة، أن يدير توازنات حسّاسة تحوط به. وهذا الإدارة سبق لوالده الرئيس حافظ الأسد أن برع فيها. وربما يكون الأسد الإبن أكثر اعتماداً على الدعم والمشورة الروسيين.وخلافاً لرهانات بعض العرب وحلفاء واشنطن الإقليميين، قد يعتمد الأسد، بدعم روسي، نهجاً «واقعياً» يقوم على التوازن في مواجهة التعهدات والالتزامات التي يرتبط بها، بحيث يحاول الحفاظ على مقدار من الحضور الذي ترغب إيران في استمراره في سوريا، وتالياً في لبنان، وفقاً لما تسمح به الظروف.هل يمكن أن تطرأ ظروف توقِعُ الأسد في مأزق الاختلاف مع إيران في سوريا ولبنان؟ وهل «المناوشات السياسية» الدائرة حالياً داخل منظومة السلطة في لبنان، والمتعلقة بالاستحقاقات المقبلة النيابية والرئاسية، تؤشِّر إلى رغبة كل طرف في أخذ الأمور نحو اتجاه معيّن؟الواضح، في هذه المرحلة، أنّ القوى المعنية تتقصَّد «تسطيح» ملف التطبيع بين الأسد والعرب، وتُسخِّف تداعياته السورية واللبنانية المحتملة، علماً أنّ مواقف معلنة لـ»رموزٍ» سوريّة في لبنان كانت أوحت بأنّ هذه التداعيات لن تكون سطحية.ولكن، في أي حال، العارفون يرجِّحون أن تنطفئ المناوشات الجارية بين أركان المنظومة الواحدة، وأن يعالِج الحلفاء الإقليميون أمورهم تحت سقف التحالف. وحتى الآن، لا مؤشرات إلى المواجهة التي يراهن عليها الخصوم، سواء حصل التطبيع بين دمشق والعرب أو لم يحصل.