اختتم وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان زيارته الى لبنان، بعد لقاءات خلت من أي مسعى لتحريك المسار الحكومي واقتصرت على إبلاغ المسؤولين اللبنانيين تجميد أي مسعى حتى تتشكل حكومة جديدة، محملاً المسؤولين بلا استثناء تبعات الفشل، مؤكداً ما سبق وأعلنه عن عزم حكومته على اتخاذ إجراءات عقابية بحق المسؤولين عن التعطيل من دون أن تتضح طبيعة العقوبات وهوية المستهدفين، وكشفت لقاءات لودريان في السفارة الفرنسية بعدد من أحزاب وشخصيات معارضة، وكلامه عن رهان على تغيير يأتي عبر هذه القوى، عبر الانتخابات المقبلة.
ومن هنا، تشير مجمل المعطيات السياسية موضوعيا الى ان ما بعد زيارة لودريان سيبقى كما قبله على مستوى الازمة الحكومية، فان ذلك لا يخفف وطأة الاندفاع الفرنسي لترسيخ الية عقوبات للمرة الأولى حول لبنان، وهي الالية التي ستبحث مجدداً على المستوى الأوروبي الأشمل في اجتماع جديد لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل الاثنين المقبل.لقاءات لودريان غير ايجابية
ففي بعبدا، ووصف مصدر ديبلوماسي لقاء الوزير الفرنسي مع الرئيس ميشال عون بأنه لم يكن على مستوى الزيارة ولا باهميتها، كاشفا عبر “اللواء” ان رئيس الجمهورية حاول تهميش موضوع تشكيل الحكومة الذي تناوله جانبيا ليوجه الاتهام بتعطيل عملية التشكيل الى الرئيس المكلف،ليسترسل بحديثه في التركيز على التدقيق الجنائي واسترجاع الاموال المهربة إلى الخارج فيما بدا للوزير لودريان مندهشا لتحويل الحديث عن عرقلة تاليف الحكومة باتجاه أقل أهمية باعتبار ان عملية التشكيل تتقدم في الوقت الراهن على سائر الملفات المطروحة،ما اضطر الوزير الفرنسي إلى التدخل للقول اكثر من مرة ان الذين يعطلون تشكيل الحكومة هم من ضمن فريقك السياسي.
ووصفت المصادر لقاء لودريان بعون بأنه “كان غير ودي”، فهو “تكلم بلهجة فوقية لم ترُق لرئيس الجمهورية” ورفض الاستماع منه إلى “الشروحات والتبريرات المعهودة حيال عملية عرقلة التأليف ورمي المسؤوليات على رئيس الحكومة المكلف دون سواه، محملاً إياه كما غيره من القيادات السياسية مسؤولية العرقلة، ومحذراً في المقابل من أنّ مرحلة العقوبات انطلقت ولم يعد يجدي التبرير نفعاً مع فرنسا”. والأمر نفسه في عين التينة “لولا حنكة بري الذي عندما استشعر أنّ الضيف الفرنسي غير راغب بالحديث عن الحكومة وعقباتها، تطرق معه مباشرةً إلى رفض أي حكومة لا تكون برئاسة سعد الحريري ولا يكون فيها ثلث معطل، فأوصل بذلك رسالة مقتضبة للقيادة الفرنسية تؤكد التمسك بالحريري وعدم الاستعداد للتفكير بتكليف غيره لتشكيل الحكومة، مع التشديد على أنّ الطرف الذي يتحمل مسؤولية العرقلة معلوم، وهو الوحيد الذي لا يزال يحول دون ولادة الحكومة، بحسب “نداء الوطن” الأجواء ذاتها انتقلت الى لقائه الحريري، الذي وصفت أجواؤه المصادر بأنها غير مريحة في الشكل والمضمون”، موضحةً أنّ التبريرات “البروتوكولية” لعقد اللقاء في قصر الصنوبر وليس في بيت الوسط لم تكن مقنعة “فكيف يسمح البروتوكول باستقبال رئيس مكلف في قصر الإليزيه ولا يسمح بزيارته في بيروت؟”، ونقلت أنّ “لودريان لم يستثنِ الحريري من مسؤولية الفشل في التأليف والإيفاء بتعهداته أمام الإدارة الفرنسية بتشكيل سريع للحكومة”.وعن لقاء المسؤول الفرنسي مع مجموعات المجتمع المدني ونواب مستقيلين، أكدت المصادر أنه شدد على “ضرورة خوض الانتخابات النيابية بلوائح موحّدة للمعارضة لأنّ التعاطي الفرنسي المستقبلي سيكون مع هذه القوى التي عليها ان تلملم نفسها وترص صفوفها”، طالباً منهم العمل “بجدية أكبر للوصول سريعاً إلى سدّة الحكم عبر وضع برامج سياسية واقتصادية سينالون على أساسها كل الدعم من فرنسا ومن غيرها من المجتمع الدولي”.وعلمت “اللواء” من مصادر المجتمعين ان هذه المجموعات ركزت على امر واحد هو “معاقبة المسؤولين عن تدمير البلد ونهبه وعن تدمير مرفأ بيروت وقسم من العاصمة ورفع الدعم الدولي عنهم، وتشكيل حكومة انتقالية من مستقلين برئيسها واعضائها وليست من هذه الطبقة السياسية، لمواجهة الازمات القائمة ووقف الانهيار، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة بشفافية واشراف دولي وليس كانتخابات 2018 لتحقيق التغيير الحقيقي وتغيير المنظومة الحاكمة”.الاتصالات السياسيةوعلى المقلب اللبناني، كشفت معلومات “اللواء” أنّ تواصلاً حصل في الساعات الماضية بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس “الحزب التقدمي الأشتراكي” وليد جنبلاط، ورئيس تيار “المردة”، سليمان فرنجية، بهدف تنسيق المواقف ودعم الحريري في مسعاه لتشكيل الحكومة، بموازاة الحلف القائم بين فريق بعبدا وحزب الله.وتؤكد المعلومات أن برّي يواصل اتصالاته في اطار المساعي ومنها مع “حزب الله” الذي اكد انه لا يزال يتمسك بالحريري رئيساً للحكومة.