كتبت” النهار”: لم تمضِ أربع وعشرون ساعة على انتهاء الزيارة حتى تجدّدت السجالات الداخلية حاملة استعادة للمشهد المأزوم والمفتوح على مزيد من استنزاف على مختلف الصعد السياسية كما الاقتصادية والمالية والاجتماعية. والواقع أنّ الهوّة الواسعة راحت تتّسع أكثر فأكثر بين كل عناوين السجالات السياسية ومعاركها وسلالم أولوياتها بين الأفرقاء السياسيين وبين الوضع الشديد التأزم على المستوى المعيشي والاقتصادي في ظل التحليق المخيف لاسعار السلع المختلفة ولا سيما السلع الغذائية والدوائية وسط تسارع العد العكسي لرفع الدعم عن المواد الأساسية وما بدأت تشهده الأسواق من تداعيات بالغة السخونة على هذا الصعيد. ويخشى والحال الطالعة على هذا المنوال أن يكون لبنان دخل فعلاً مرحلة شديدة الخطورة من شأنها أن تحوّل الأسابيع المقبلة إلى وقت متحوّل نحو هاوية تحمل شتّى أنواع المخاوف من اضطرابات اجتماعية ومعيشية قد لا تبقى محصورة في نطاق سلمي ويخشى أن تهزّ الاستقرار الأمني.
ويمكن القول أنّ المشهد الداخلي أثبت بسرعة فائقة عدم تأثّره ظاهراً على الأقل برسائل الضغط بل التهديد الفرنسية التي أطلقها وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته المثيرة للجدل، على رغم أنّ جميع القوى السياسية ترصد بترقب حذر للغاية كيف ستشرع فرنسا بترجمة آلية العقوبات التقييدية في حق من ستنصفهم في فئتي تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والفساد ومن يمكن أن تشمل هذه العقوبات وكيف سيتم تطبيقها وماذا ستكون عليه تداعياتها على الدور الفرنسي في لبنان. وبدا لافتاً، في هذا السياق، أنّ موضوع العقوبات بدأ يرخي ظلاله على الخطاب السياسي الداخلي بما يعني تحسب جهات عديدة لشمول مسؤولين أو محسوبين عليها بها.