أطلّ الوزير السابق النائب نهاد المشنوق، أمس الأحد، معلناً إطلاق جبهة سياسية جديدة تحمل اسم “حركة الإستقلال الثالث”، تهدف إلى “تحرير القرار السياسي اللبناني من الاحتلال السياسي الإيراني”، على ما قاله المشنوق في إطلالته التلفزيونية على شاشة تلفزيون “الشرق نيوز” السعودي الذي يبثّ من الإمارات العربية المتحدة.
في الشّكل، أثارت إطلالة المشنوق على منبر “سعودي – إماراتي” تكهّنات بأنّها رسالة مبطّنة إلى الرئيس المكلّف سعد الحريري، بأنّ المشنوق بات “نداً” له في اللعبة السياسية الداخلية، كما أنّ مراقبين يقرأون في إطلالته لا سيما في هذا التوقيت “زكزكة” للحريري الذي يبدو في موقف غير القادر على تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة الحكومية. أمّا في المضمون، فكان كلام المشنوق عالي السقف ليس فقط بما يتعلّق بما يعتبره “احتلالاً إيرانياً”، إنّما بوجه أداء الرئيس الحريري وحديثه عن التفريق بين “الحريرية الوطنية والحريرية السياسية”، والأخطاء التي ارتُكبت في إدارة “التسوية الرئاسية” التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، إضافة إلى وصفه “الحريرية السياسية” بأنّها “مصابة بثغرات كبرى، وإخفاقات كبرى بعد خطيئة انتخاب عون رئيساً للجمهورية”، على الرغم من إقراره بأنّه “أحد الذين شاركوا في هذه الخطيئة”.
“الاستقلال الثالث” من الاحتلال الإيراني مقرّبون من المشنوق، يؤكّدون أنّ “هذه الجبهة كان من المفترض أن تنطلق منذ وقت لكنّ ظروفاً حالت دون ذلك، لكنّ اليوم وفي ظلّ إنسداد الأفق السياسي في البلاد نتيجة الهيمنة الإيرانية على القرار اللبناني، باتت الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى للمواجهة وإطلاق حركة مقاومة سياسية تحقّق “الاستقلال الثالث” من الاحتلال الإيراني، بعد الاستقلال الأوّل من الانتداب الفرنسي (1943) والاستقلال الثاني من الوصاية السورية (2005)”. ويشدّد المقرّبون من المشنوق على أنّ “الجبهة ليست تحت قيادته، إنّما هي عبارة عن تجمّع لعدد من الشخصيات السياسية المستقلّة والبعيدة عن الأحزاب والرافضة للخضوع للأمر الواقع”، لافتين إلى أنّ “الغالبية العظمى من هذه الشخصيات هم من رفاق الرئيس الشهيد رفيق الحريري”. وبحسب هؤلاء، فإنّ هذه الجبهة تنطلق من شرعيتَيْن، هما طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي كان يدعو في عظاته وخطاباته إلى “تحرير الشرعية” وذلك لإمكانية تحقيق الخلاص من براثن الاحتلال السياسي الإيراني، والشرعية الثانية، هي شرعية الجيش الذي يحظى بإجماع غالبية عظمى من اللبنانيين. ووفقاً لما يقول المقربون من المشنوق، فإنّ هذه الجبهة ستعمل على الدفع باتجاه تحقيق استراتيجية دفاعية وطنية تحت غطاء الشرعية، وهو ما كانت وافقت عليه معظم الأطراف في جلسات الحوار الوطني، كما أنّها ستعمل على الدفع باتجاه تعزيز دور المؤسسات الدستورية الوطنية ليكون الدستور فوق حسابات الأطراف السياسية أو الطائفية. ويؤكّد المقربون من المشنوق أنّ هذه الجبهة ليست موجّهة ضدّ أحد لا الرئيس سعد الحريري ولا رؤساء الحكومات السابقين ولا أطراف ما كان يعرف باسم “14 آذار”، ولكنّها موجّهة ضدّ سياسة التنازل والخضوع والاستسلام للأمر الواقع وجعل القرار السياسي اللبناني رهينة السياسات الإيرانية.
ويلفت هؤلاء إلى أنّه “من الطبيعي عند إطلاق أي مقاومة سياسية سلمية فإنّ الطرف الآخر هو حكماً بموقع الأقوى، ولكنّ المقاومة السياسية هي نتيجة عمل متراكم وصمود ونضال ، وبالتالي إمّا الذهاب بهذا الخيار وإمّا الاستسلام ،وهذا الخيار مرفوض تماماً”. “المستقبل” مجرد مزايدات مصادر تيار “المستقبل”، رفضت الغوص في تفاصيل إطلالة المشنوق ومضمون كلامه عن التمييز بين الحريرية الوطنية والحريرية السياسية، و”خطيئة التسوية الرئاسة”، مشيرة إلى أنّه “يعبّر عن رأيه وهو حرّ به”. ووفقاً لهذه المصادر، فإنّ “مسار المشنوق ومنذ أن كان إلى جانب الرئيس سعد الحريري كان يحاول من خلال طرق عديدة “المزايدة” على الرئيس الحريري بهدف الحلول مكانه ليكون له دور في المعادلة السياسية”، معتبرة أنّ “حركته الأخيرة تأتي في هذا السياق وهي “مجرّد مزايدات اعتدنا عليها”. وترى المصادر أنّه “مهما كانت الطرق التي يلجأ إليها المشنوق فهو لن ينجح بالقفز فوق سعد الحريري”.