كتب جورج شاهين في ” الجمهورية”: في انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، فإنّ عدداً من التقارير الديبلوماسية والاستخبارية العاجلة، تطابقت مع ما هو متداول من معلومات في بيروت، وهي تؤكّد استبعاد ان يشارك “حزب الله” في اي عمل عسكري تحت اي عنوان، على الأقل حتى كتابة هذه السطور امس. وهو أمر ثابت على الرغم من الدعوات التي أُطلقت من مواقع مختلفة ومن طهران بالذات، على ألسنة بعض المسؤولين الايرانيين الذين تحدثوا عن جهوزية صواريخ “حزب الله” إن طلبت غزة الدعم والتدخّل. وعليه، فإنّ احتمال تحول المناورات الوهمية المجمّدة في شأن المواجهة مع “حزب الله” حرباً شبيهة بتلك التي تشهدها غزة، مؤجّلة الى اجل غير مسمّى. فالستاتيكو القائم منذ التاسع من ايار الجاري، تاريخ بدء المناورات، ما زال على حاله، باستثناء رفع نسبة الاستنفار فور بدء العمليات العسكرية في اليومين الماضيين.
وما هو ثابت حتى اللحظة، انّ “حزب الله” لم ولن يُقدم على اي خطوة تزيد عن إعلان حال الاستنفار في الجنوب ومواقعه المختلفة. فباستثناء الحملات لجيشه الالكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات “الواتس آب”، فإنّ هدوء مناطقه في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت يمكن التوقف عنده بعناية واهتمام، في ظلّ التحركات الشعبية التي شهدتها مناطق أخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما شهدته الطريق الجديدة في الساعات الماضية نصرة لغزة ورفضاً للعمليات العسكرية ضدّها.
وبعيداً من كثير من التفاصيل، تجدر الإشارة الى انّ التقارير الديبلوماسية لم تشر بعد الى من اراد ان تتطور الحال في غزة إلى ما هي عليه اليوم. فالجدل ما زال قائماً بين ان تكون اسرائيل هي من ارادت هذا التطور السلبي، وعندها ستكون قد ارتكبت خطأ استراتيجياً. فهي تصرّ منذ فترة على ان تبقى أراضيها خارج كل أشكال النزاع الدموي مع اعدائها. وهي تترقب ما يجري في بغداد من مفاوضات سعودية – ايرانية، قيل انّها خُصّصت لترتيب وضع اليمن ووقف الحرب فيها. كما في فيينا، حيث تجري المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وفي الحالتين، كانت قد أعلنت حرباً ديبلوماسية في الإتجاهين.
ومع استبعاد وجود قرار اسرائيلي في هذا الاتجاه الخطير، توجّهت الانظار الى ان ما حصل كان بقرار إيراني، ارادت منه طهران كثيراً. فهي تحتاج الى الوقت المناسب للردّ على ما شهده الداخل الإيراني من عمليات تخريب في مواقعها النووية الحساسة، كما ارادت الردّ بقساوة على اغتيال أب القنبلة النووية محسن فخري زادة مطلع السنة الجارية، وبقية العمليات التي نُسبت الى اسرائيل. وربما رداً على مقتل قاسم سليماني قبل ذلك، وهي وجدت بفتح حرب داخل الاراضي الاسرائيلية وعلى أبواب عاصمتها الاقتصادية تل ابيب متنفساً للردّ على كل هذه العمليات دفعة واحدة.
وعليه، لا يمكن ان يتجاهل المراقبون العسكريون وهواة التقارير الاستخبارية ترجيح نظرية وجود قرار ايراني بما حصل، ارادت منه طهران ان تُفهم الجميع انّها لا تفاوض على القطعة ما بين فيينا وبغداد. وهي تريد حلاً شاملاً يبدأ بتخفيف العقوبات عليها قبل التقدّم في ملفها النووي، وترفض التسوية في اليمن، التي اعتقد البعض أنّها ستكون على الأبواب، فانفجرت في غزة قبل اي حديث عن اي تسوية في اليمن. ونقطة عالسطر.
المصدر:
الجمهورية