الازمة طويلة والمعركة الان على هوية لبنان السياسية.. ولا تراهنوا على سكوت الناس

14 مايو 2021
الازمة طويلة والمعركة الان على هوية لبنان السياسية.. ولا تراهنوا على سكوت الناس

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة عيد الفطر، بعدما أدى صلاة العيد في مسجد الإمام الحسين، في منطقة برج البراجنة، جاء فيه: “نعيش في وطن تم نهبه، ليس من الطبقة السياسية فحسب، بل بشراكة عصابات مالية واقتصادية، وحيتان أسواق ومؤسسات، ومصالح وعقليات لم تبق ولم تذر، وهو لا يطال التاجر الكبير أو كارتيلات المال والأسواق فقط، بل يطال كل من يتلاعب بالأسعار، ويزيد من أزمة الناس والمجتمع، خاصة أولئك الذين تحولوا حطبا للعبة الدولار والأسعار، فهذا حرام وخيانة وإثم، ومن يفعل ذلك بعيد من الله قريب من النار”.

وتابع: “ندعو في هذه اللحظات التاريخية لبلد مأزوم، أن نكون يدا واحدة، وموقفا واحدا، في مواجهة الظلم بشخص الظالم، وضد الفساد بشخص الفاسد، وضد من نهب البلد بشخص الناهب، فالاستحقاقات على الأبواب وبخاصة الانتخابية”. أضاف قبلان: “البقاء بلا حكومة يعني إنهاء البلد الذي بات بحاجة ماسة إلى حكومة طوارئ، حكومة توقف هذا الانهيار المرعب، لأنه لا إنقاذ قبل الانتخابات النيابية، التي ستكون مفصلية هذه المرة، وسيختلط فيها الدولي بالإقليمي والمحلي بشكل لا سابق له، فالبلد إقليميا ودوليا تحت الطاولة وليس فوقها، وحتى لو وضع فوقها لا تتوقعوا الكثير، لأن لبنان عقدة إقليمية دولية، تتقاطعه أكثر الملفات الحساسة دوليا وإقليميا”.

وقال إن “المطلوب أميركيا هو لبنان الضعيف لا لبنان القوي، لبنان المستسلم لا لبنان السيد، لبنان الممنوع من موارده لا لبنان المتمكن من ثروته الغازية والنفطية، لأن ذلك يعطيه قوة الموقع والنفوذ، وقوة المواجهة، وقوة إفشال كل مشاريع الدمج والتوطين والتطبيع، وهذا ممنوع أميركيا، وعلى قاعدة ما يخدم تل أبيب يخدم واشنطن في لبنان”.
واعتبر أن الأزمة طويلة، وعلينا أن نتكيف مع وضعية لبنان الجديد، فلبنان القديم انتهى، والمطلوب العمل بهدوء وعقلانية على صيغة حكم سياسي، بعيدا من الطائفية السياسية، لأن الطائفية السياسية سرطان هذا البلد، ويجب الخلاص منها لصالح دولة المواطنة، بعيدا من الطوائف والأديان مع احترامنا الشديد للجميع.
وشدد قبلان على أن “حال البلد مرتبط بالوضع الدولي والإقليمي والحكومة أيضا رهينة هذه المعادلة، وهي جزء منها، فالمعركة الآن معركة: أي لبنان؟ وأي هوية سياسية؟ وكيف؟ وضمن أي توازنات دولية وإقليمية؟ من هنا ندعو إلى تأمين قوة الداخل، إلى التماسك، إلى وقف السجالات والتحديات والمكايدات، بل أكبر خطوة على طريق الإنقاذ الداخلي تمر عبر تشكيل جبهة وطنية يشترك فيها المسلم والمسيحي لمواجهة الاستحقاقات الكبيرة، ومنها الانتخابات النيابية، لأن البلد يعيش لحظة سقوط عامودي، ونحن بأمس الحاجة لأخذ قرارات تاريخية، خاصة على مستوى تنظيف السلطة من الفساد، والخيار الانتخابي هو خيار مفصلي في هذا المجال”. وقال: لا تراهنوا على سكوت الناس، لأنه جمر تحت الرماد. وأنصح السلطة بعدم اللعب برغيف الناس وحاجاتها الأساسية، لأنها آخر مصافي صبر الناس. والوضع الآن حبس أنفاس، وأي خطأ يتعلق بحاجات الناس لن يمر بسلام، فالأمن والسلم الأهلي وعدم الفوضى وحماية البلد يمر جبرا بحاجات الناس وتأمينها. ونصيحتي لا تحرقوا البلد بحرق أسعار النفط والغاز والدواء والغذاء، لأن أي حماقة في هذا المجال ستحرق البلد بما فيه. إن المطالبات الأمريكية الأوروبية واحدة، والعين على التطبيع، وتغيير قوة التوازنات في المنطقة، وحجر الأساس في السياسات الأمريكية في المنطقة يمر أولا وآخرا بحماية تل أبيب وتكوين قوة إقليمية تخدم نفوذها وجبروتها، والحل بالخيارات الكبيرة، لأن تجربتنا مع الأمريكي مخزية، ولا يجوز أن يبقى لبنان رهن اللوبي المصر على أمركته”. وختم قبلان: “ما يقوم به الصهيوني تجاه القدس وغزة جريمة حرب سيتبعها ندامة، وما يجري في فلسطين له ارتباط شديد بالمنطقة وميزانها، وتسوياتها، وزمن الرعب الإسرائيلي قد انتهى، والمعادلة اليوم حركات مقاومة حولت تل أبيب إلى كيان مطوق بالصواريخ الثقيلة، وترسانة تنتظر لحظة حسم استراتيجي على مستوى المنطقة. ولا يسعنا ونحن في هذا اليوم المبارك إلا أن نبارك بقوة، ونؤيد بشدة المبادرات والمساعي الهادفة إلى إعادة ترتيب المنطقة عبر التواصل السعودي – الإيراني، والسعودي – السوري، الذي نأمل أن يتعزز ويتكرس تقاربا وتعاونا تاما بين دول المنطقة وشعوبها، وهذا ما كنا ندعو إليه ونطالب به اليوم قبل غد، لأن ضمان المنطقة واستقرارها لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تسوية تاريخية بين طهران والرياض. والمعادلة الأكيدة اليوم وغدا أن زمن واشنطن وتل أبيب كقوة هيمنة في الشرق الأوسط إلى زوال متعرج، وهذا ما يجب أن تأخذه دول المنطقة في الاعتبار”.