اشتباك عون الحريري: البقاء للأقوى

18 مايو 2021
اشتباك عون الحريري: البقاء للأقوى

كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: حتى هذا الوقت، تدرّجت جولات التباعد بين الرئيسين منذ الاسبوع التالي للتكليف، عندما تأكد – خلافاً لما توقّعه الرئيس المكلف – ان مهمته ليست سهلة بالقدر الذي تصوّره، بذريعة انه يتسلق المبادرة الفرنسية على طريقته، ويطرح شعاراً مفاده ان يقبل مفاوضه الحكومة على النحو الذي يصر او هو ضد المبادرة. تدرّجت جولات الرجلين من الخلاف على الحصص، الى الخلاف على الحقائب السيادية كالداخلية والتشغيلية المدرارة في بلد خاو، الى العدد الذي تتألف منه الحكومة، مروراً بالثلث +1، وصولاً الى النصف +1، الى المرجعية المخولة تسمية الوزراء المسيحيين، الى تمثيل المسيحيين المستقلين خارج الاحزاب المسيحية المعارضة للحريري. راحت جهود التأليف تنط من حكومة 18 الى حكومة 20 فالى حكومة 24 ثم تهبط الى حكومة 18. ثم بانتهاء الجولات تلك، انتقل التأليف الى محطة جديدة قادته الى مكان لا صلة له بما ينبغي ان يقتصر عليه التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وهو ان لا حكومة لا يسبقها حوار بين الحريري ورئيس الكتلة النيابية الاكبر والكتلة المسيحية الكبرى في البرلمان النائب جبران باسيل.
 
الرئيس المكلف يرفض التحدث مع باسيل قبل صدور مراسيم الحكومة، من غير ان ينقطع في الوقت نفسه تواصله مع الثنائي الشيعي، فيما صهر رئيس الجمهورية – كما الرئيس اولاً بأول – متمسك بأن يُعطى حقاً مماثلاً للذي أُعطي الى برّي بحصوله على حقيبة المال، ووليد جنبلاط بحصر التمثيل الدرزي به، وتالياً الاعتراف بحقه هو كرئيس كتلة نيابية كبيرة في تسمية وزراء يمثلونها، شأن القطبين الآخرين، اخذاً في الحسبان فصل حصته عن حصة عون.
 
كل ذلك حصل في الاشهر السبعة المنقضية منذ تكليف الحريري، الذي يدخل بعد اربعة ايام في الشهر الثامن.
 
ان المشكلة الدائرة الآن من حول رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ان كلا منهما لا يبصر الآخر شريكاً له في الحكم.
 
الانكى ان واحدهما لا يطيق الثاني، وقد باتت الكراهية عنوان علاقتهما، تتحكم في نظرة احدهما الى الآخر. لفترة، ابان اجتماعاتهما المخيبة، ظهر انطباع رائج ان ما يفرّق احدهما عن الآخر انعدام الثقة. سرعان ما تبدّت المشكلة اكبر بكثير. كل منهما يتصرّف كأنه يخوض معركة وجودية كيانية، اكثر منها صراعاً على تفسير صلاحيات دستورية ومواقع سلطة ونفوذ في الحكم. اقرب ما تكون للاثنين آخر معاركهما السياسية. من ذلك كلام المحيطين بالحريري ان عون يدفع به الى الاعتذار لإخراجه من المعادلة السياسية، وقد تكون شكوكهم في محلها اكثر مما يعتقدون، وكلام المحيطين بعون ان مطالبة اولئك اياه بالاستقالة تتوخى اسقاط العهد وتدمير ما تبقى من سمعته وتحميله مسؤولية ما يحدث وقطع اي صلة بالتفاهم معه.
 
كلا الرئيسين يُعوّل على عامل الوقت لازاحة الآخر من طريقه، وفي ظن كل منهما ان البقاء للاقوى.

المصدر:
الأخبار