عاصفتان من العيار الثقيل ضربتا لبنان، حاملتان معها الضباب حول المرحلة المقبلة، سواء على سعيد العلاقات اللبنانية الخليجية، عقب التصريح الناري الذي أدلى به وزير الخارجية شربل وهبة، أو على صعيد تأليف الحكومة اثر تداعيات الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب والتي تناولت موضوع التأليف، متهماً الرئيس سعد الحريري بأسره.
عاصفة وهبةاذا، بعد أزمة تهريب المخدرات في شاحنة الرمان المصدرة إلى المملكة، أحدثت تصريحات وهبة احدثت أزمة جديدة في العلاقات مع دول الخليج العربي، وعلى الرغم من ان هذه العاصفة تتجه الى الانحسار، عقب تأكيد المعلومات ان الوزير وهبة متجه الى التخلي عن مهامه، أكدت معلومات موثوقة ان الوزير وهبة سيزور اليوم السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حيث سيعلن تنحيه عن ممارسة مهامه الوزارية.
ولعل الأسوأ في هذا السياق ان انكشاف العهد نفسه جاء بعد سقطة وزير خارجيته مزدوجة: فمن جهة أراد العهد التذاكي والمناورة في الموقف حيال تداعيات السقطة فحاول رئيس الجمهورية ميشال عون ان يوزع موقفه الى نصفين الأول يتبنى فيه دفاع وهبة عن نفسه، والثاني يتنصل فيه هو نفسه من موقف وزيره، واخفق طبعا في إنجاح المحاولة. عاصفة عونولم تكن العاصفة الأولى قد هدأت حتى قرر العهد حرف الأنظار عن التداعيات الواسعة التي واكبتها فوجه رسالته بعد الظهر الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري لغسل يديه من تبعة تعطيل تشكيل الحكومة والقاء الاتهامات على الرئيس الحريري . واعتبرت “النهار” أن هذه المفاجأة الثانية، جاءت في التوقيت الخطأ وبدا واضحا بما لا يحتاج الى تفسير ان عون حاول الهرب من تداعيات الانكشاف في الفضيحة الخليجية الطارئة فلجأ الى توقيت اعتقده ملائما لأخذ الأنظار الى مكان اخر ولكنه أيضا اخفق في ذلك.وفي حين أشارت “اللواء” ان دوائر المجلس لم تتسلم حتى مساء أمس نسخة عن هذه الرسالة، وأوضحت مصادر برلمانية انه وفق النظام الداخلي انه عند توجيه رئيس الجمهورية رسالة مباشرة يُبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية، وبعد استماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ المواقف أو الاجراء أو القرار المناسب، وعليه علمت “النهار” مساء امس ان الرئيس بري سيدعو اليوم مجلس النواب الى جلسة مخصصة لموضوع رسالة رئيس الجمهورية ضمن مهلة الثلاثة أيام التي يحددها الدستور. وثمة توجه الى ان تقتصر الجلسة على تلاوة رسالة الرئيس عون ورفع الجلسة للمشاورات والاتصالات والمساعي بما يحفظ تطبيق الأصول الدستورية ومن دون التسبب بمزيد من التأزيم.وفي هذا السياق، سيقطع الحريري إجازته في الإمارات ويعود إلى بيروت للمشاركة في الجلسة النيابية ويقتنص الفرصة للخروج عن صمته وإعلان موقفه من الملف الحكوميّ، بحسب “البناء”.الاّ أن مصادر نيابية، وصفت الرسالة بانها لزوم مالايلزم لانها لن تؤدي إلى تحقيق الغاية التي ارسلت من أجلها لاخراج ازمة تشكيل الحكومة من دوامة الجمود، بل ستؤدي بما تضمنته من مغالطات وتجاوزات دستورية وقلب للوقائع والتفافات وافخاخ لتعديل دستوري لاطاحة صلاحية رئيس الحكومة المكلف لصالح رئيس الجمهورية إلى تسعير الخلاف السياسي وزيادة التعقيدات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان يحصد رئيس الجمهورية مزيدا من العزلة والخيبة لان معظم الكتل النيابية لن تتجاوب مع مضمون رسالته، بل سترفضها لانها تخالف الدستور وستشكل مناسبة لشن حملة من الانتقادات الحادة ضد ممارسات واسلوب رئيس الجمهورية في ادارة الحكم وما اوصل اليه البلد من ازمات تهدد وجوده.