كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: طوى شربل وهبة أوراق إعتماده وغادر وزارة الخارجية والمغتربين ″تأديبيا″ الى منزله بعد الكلام الذي قاله على ″قناة الحرة″ بحق السعودية ودول الخليج وخرج فيه عن كل الأعراف والأصول الدبلوماسية، ما إضطره الى تقديم جملة من الاعتذارات توّجَها بالطلب من رئيسيّ الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال حسان دياب إعفائه من مهامه، حيث سارع عون الذي سبق وتبرأ من وهبة وتصريحاته الى قبول طلبه، موقعا مرسوما جديدا يقضي بتكليف الوزيرة زينة عكر بأعمال الدبلوماسية اللبنانية، لتصبح ″الوزيرة السوبر″ بثلاث مهام سيادية في نيابة رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية والمغتربين.
في غضون ذلك، كانت دارة السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة تشهد زحفا سياسيا ودينيا من مختلف الطوائف والاتجاهات والانتماءات لتقديم الاعتذار عن خطيئة وهبة، والتأكيد على متانة العلاقات اللبنانية ـ السعودية، وذلك في ما يشبه “المبايعة” للمملكة التي رأى بعض المتابعين أن القيادات اللبنانية أحرجتها باندفاعة الحب والولاء تجاهها، ما قد يدفعها الى تبديل مواقفها حيال الكثير من الشؤون اللبنانية وخصوصا قرار وقف إستقبال إرساليات الخضار بعد إحباط عملية تهريب حبوب الكبتاغون في ثمار الرمان.
مع طي الأزمة الدبلوماسية، وسحب فتيل “الاستفزاز” المتمثل بشربل وهبة، تمهيدا لإعادة المياه الى مجاريها بين البلدين، تتجه الأنظار غدا الجمعة الى مجلس النواب الذي ينعقد في الأونيسكو للاستماع الى الرسالة (الشكوى) التي وجهها الرئيس عون الى الرئيس نبيه بري حول مماطلة الرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وإتهامه “بأسر التكليف وتأبيده”، مطالبا بإتخاذ التوصية اللازمة بشأنها من قبل نواب الأمة.واللافت أن الرسالة الرئاسية تتجه نحو السقوط قبل وصولها الى الهيئة العامة لمجلس النواب، كونها تجافي الواقع لجهة تحميلها الرئيس المكلف المسؤولية الكاملة عن التعطيل والعرقلة، متجاهلة مسؤولية رئيس الجمهورية الذي يأسر في أدراج مكتبه تشكيلة حكومية قدمها الحريري اليه بعد أربعين يوما من تكليفه وما يزال يرفض مناقشتها معه أو إجراء أية تعديلات عليها، لأن الهدف الرئيسي لعون بحسب كل المعطيات هو تشكيل حكومة على قياس جبران باسيل الذي حاول مرارا وتكرار وما يزال لقاء الحريري لمناقشة تشكيل الحكومة معه بما يخالف الدستور الذي تحول لدى “فريق العهد” الى وجهة نظر، من إدخال أعراف جديدة على نصوصه، الى توجيه الرسالة الرئاسية التي كان يمكن لرئيس الجمهورية أن يوفر على فريق المستشارين كثيرا من الجهد، وأن يختصرها بست كلمات فقط هي: “لا أريد سعد الحريري رئيسا للحكومة”.لا شك في أن موقف رؤساء الحكومات السابقين جاء أمس ليضع أول “فيتو” على الرسالة الرئاسية حيث عملوا على تشريحها وإظهار المخالفات القانونية والدستورية من جهة، والافتراءات التي تتضمنها بحق الرئيس المكلف من جهة ثانية، في حين أن ما نقل عن الرئيس نبيه بري بأننا “نضيع وقتنا بنقاش تفاصيل تافهة” يؤكد عدم إقتناع رئيس المجلس بالرسالة.أمام هذا الواقع، سيكون أمام الرئيس بري خيارين في جلسة الغد، فإما أن يطبق الدستور ويكتفي بتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ثم ينتقل الى ملفات أخرى، أو أن يتلو الرسالة ويفتح باب النقاش الذي قد يفضح المستور من التشنجات الطائفية التي من شأنها تجييش الشارع في هذا الظرف العصيب.علما أن مناقشة الرسالة وإصدار توصية بشأنها قد يصب في مصلحة الحريري خصوصا بعد السقف الذي رسمه رؤساء الحكومات السابقون، وإصرار الثنائي الشيعي على دعم مهمته، ووقوف الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة والوسط المستقل والقومي الى جانبه، ونأي القوات اللبنانية بنفسها عن الدخول طرفا في هذا النزاع، الأمر الذي قد يُحرج الرئيس عون ويُظهر العزلة السياسية التي يعيشها مع تياره.
المصدر:
سفير الشمال