لا تزال القوى السياسية مقتنعة بأن طرح ملف النازحين السوريين على طاولة البحث بجدية ملهاة للوقت طالما أن القرار الدولي يربط أي عودة لهؤلاء بالحل السياسي في سوريا وانتهاء الأزمة التي تنتظر تفاهمات أميركية – روسية حول سوريا.
أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، في شباط الماضي عن خطته لرفع نسبة أعداد اللاجئين السوريين للعام 2021- 2022. وتهدف خطته المقدمة إلى الكونغرس إلى قبول 62 ألفًا و500 لاجئ جديد في الولايات المتحدة، مقارنة بالرقم القياسي المنخفض والذي كان بحدود 13 ألفًا سابقًا، في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأضافت الخطة أن القبول سيكون من أكثر من 12 دولة، ضمنها سوريا إضافة إلى الكونغو وفنزويلا وغواتيمالا وسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا، ودول أخرى. ومع ذلك تأخر القرار الرئاسي لأسباب لم يعلن عنها الرئيس الأميركي، وهذا يعني ان المجهول مصير النازحين السوريين، طالما أن قضايا الشرق الاوسط بما فيها الملف السوري تأتي في الدرجة الرابعة من حيث اهتمامات الإدارة الأميركية التي يبدأ سلم اولوياتها بالصين، فروسيا، فايران، وصولا الى الشرق الاوسط، علما أن ادارة بايدن تريد حل الازمة السورية، من خلال عملية سياسية تشارك فيها قوى الإقليمية والدولية وفق الشروط المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254 وإنهاء الأزمة الإنسانية ووصول المساعدات الى كل المناطق السورية وترغب بالتفاهم مع روسيا حيال هذا الامر.
وإلى أن يحين الوقت، فإن بايدن لن يعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية السورية التي تجري وفق دستور أقر عام 2012 خاصة وان الدول الغربية أبدت في الأشهر الماضية إصرارا على ضرورة إجراء الانتخابات وفق معايير القرار الأممي 2254 الذي نص على إجرائها بإشراف الأمم المتحدة في ظل حكومة انتقالية وبموجب دستور جديد.كل ذلك يقود بعض الأوساط السياسية الى القول إن الملف السوري لا يزال خارج دائرة الحل في الوقت الراهن.صحيح أن الإدارة الأميركية لن تسقط الرئيس الاسد، إلا أنها ستبقيه تحت الحصار الاقتصادي، وهذا يعني أن مسار التفاوض السوري – الخليجي لن يحسم الجدل حول مآل مشاركة الخليج وتحديدا السعودية والإمارات في إعادة إعمار المدن والقرى السورية قبل إطلاق الغرب الضوء الأخضر لذلك رغم ما تقوم به روسيا من مساعي، وهذا يؤدي حتما إلى بقاء النازحين السوريين في الدول الحاضنة إلى آجل غير مسمى.ثمة دول لا تشتكي من وجود النازحين السوريين خاصة تلك التي نظمت أماكن تواجدهم وتمتلك قدرات اقتصادية ومالية ولا تمر بأزمات، بيد أن لبنان الذي بات في عمق الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي لا يستطيع تحمل عبء النازحين، بيد أن الدولة الراهنة لا تزال تقف مكتوفة الأيدي حيال عودة هؤلاء الى ديارهم، فالحراك الوزاري الرسمي لا يؤخد على محمل الجد من قوى سياسية يرى بعضها أن عودة اللاجئين يجب أن تتم تحت إشراف المجتمع الدولي ولا داعي لتنسيق لبناني – سوري على المستوى الرسمي، عطفا على اقتناع هذا البعض أن الرئيس الاسد يرفض عودة المعارضين إلى دمشق، بيد أن المكونات المحسوبة على محور المقاومة تظن أن حل أزمة النازحين يكمن في التعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية.ازاء هذا التخبط السياسي والذي لا يقتصر على ملف النازحين انما يطال ملفات كثيرة في الداخل، فإن مشهد التوتر والاشتباكات امس على طرقات المتن بين مواطنين لبنانيين محسوبين على بعض الاحزاب و النازحين السوريين اثناء توجههم الى اليرزة للادلاء بأصواتهم للاسد، يؤكد وفق الأوساط نفسها أن هذا المشهد قد يتكرر في مناطق أخرى بصورة مختلفة(بين معارضين للاسد ومواطنين لبنانيين داعمين للنظام)، الأمر الذي يتطلب من الحكومة والقوى المعنية الإسراع في معالجة هذا الوضع والتشدد في ضبطه، خاصة وأن مدنا كثيرة في سوريا اصبحت امنة ولا شيء يمنع على سبيل المثال المؤيدين للنظام من العودة، عطفا على أن اعدادا كثيرة باتت تتنقل بين لبنان وسوريا بصورة دورية، وهذا يؤكد أن مصطلح العودة الطوعية لم يعد صالحاً، فمن المفترض أن تكون عودة النازحين الالزامية إلى مناطقهم الشغل الشاغل للعماد عون في ما تبقى من ولايته، من خلال الضغط على المجتمع الدولي للمساعدة، فلبنان لا يحتمل انتظار نضوج التفاهمات الدولية والاقليمية ولا يجوز التعاطي مع هذا الملف غب الطلب وعنصرية وكأن هناك نازحا منبوذا ونازحا مرغوبا به.