أعاد مشهد الجلسة النيابية التي عقدت يوم أمس السبت في “قصر الأونيسكو” إلى الأذهان مشهد محاولة فريق ما كان يسمّى بـ”14 آذار” طرح الثقة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2012.
يومها كان الانقسام السياسي عمودياً بين ما كان يسمّى 14 و8 آذار، فيما كانت حكومة الرئيس ميقاتي تحمل كرة النار لعبور حقلٍ من الألغام المتفجّرة محلياً وإقليمياً، واشتعال الحرب السورية إضافة إلى التوترات التي شهدتها دول عربية عديدة في تلك المرحلة.
انعقد المجلس النيابي في تلك المرحلة على مدى 3 أيام، شهدت خطابات عالية السقف من كلا الطرفَيْن واتهامات وردوداً وردوداً مضادّة وصولاً إلى عملية التصويت التي انسحبت منها بعض قوى المعارضة آنذاك نظراً لمعرفتها المسبقة بعدم إمكانية تأمين الأكثرية المطلوبة لذلك، وهو ما أضاع من عمر اللبنانيين 3 أيام لم تقدّم ولم تؤخّر بل زادت من تشنّج الخطاب السياسي بين الأفرقاء الذين عقدوا بأنفسهم التسوية الرئاسية الشهيرة عام 2016.
في جلسة الأمس، تكرّر المشهد وإن تبدّلت الظروف، فكما كانت قوى “14 آذار” تدرك في تلك المرحلة استحالة طرح الثقة بحكومة ميقاتي، كان رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه يدركان كذلك استحالة سحب التكليف من الرئيس سعد الحريري، من قبل توجيه الرسالة الرئاسية إلى المجلس، لتتحوّل الرسالة إلى مجرّد “فقاعة” بغطاء “دستوري” لم تساهم إلا في مزيد من التشنّج السياسي ولم تكن وسيلة لإيجاد الحل وإحداث خرق في جدار الأزمة الحكومية.
بات الاستعراض السياسي والشعبي السمة التي تطبع أكثرية الأفرقاء السياسيين في لبنان، الذين استغلّوا النقل المباشر لجلسة “الأونيسكو” أمس للمزايدة وإطلاق الخطابات الرنانة لحفظ من يمكن حفظه من ماء الوجه أمام اللبنانيين ظناً منهم أنّهم ما زالوا يصدّقونهم.