مركز اتصالات “تاتش”: صراع متجدد على العقود!

24 مايو 2021
مركز اتصالات “تاتش”: صراع متجدد على العقود!

كتب ايلي الفرزلي في “الأخبار”: منذ شهرين فُضّت العروض التقنية الخاصة بالمناقصة التي أطلقتها «تاتش» للتعاقد مع شركة خدمات خارجية لتأمين 70 موظفاً لمركز الاتصالات (Call Center). لكن حتى اليوم، لم يتم الانتقال إلى مرحلة فض العروض المالية. الخلاف بشأن نتيجة المرحلة الأولى أدّت إلى تشكيل ثلاث لجان كان تقييمها مختلفاً. مجموعة من المديرين تدفع باتجاه السير بالنتيجة الأولى، والمديرة العامة تحمل في يدها تقييمين يخالفان رغبة هؤلاء. لكن بين هذا وذاك، ثمة من يسأل لماذا اللجوء إلى الخدمات الخارجية أصلاً، في حين أن الشركة قادرة على تشغيل المركز بقدراتها الذاتية، وبما يؤدي إلى توفير ما يزيد على مليون دولار سنوياً؟
 
منذ تشرين الأول 2020 صارت الدولة تدُير قطاع الخلوي بشكل مباشر. ذلك كان مطلباً أهلياً، سعى إليه وناضل من أجله كثر. الهدف كان ببساطة وقف الهدر في قطاع وُصف يوماً بأنه نفط لبنان. الهدر أسبابه عديدة، أبرزها أن الطبيعة القانونية للشركتين (شركتان خاصتان تملكهما الدولة لكن تخضعان للقانون التجاري)، سمحت بفتح صناديق الشركتين للتنفيعات السياسية والمالية، من دون رقيب أو حسيب. فلا هما تخضعان للآلية الرقابية التي تخضع لها الإدارات والمؤسسات العامة، ولا هما، بالممارسة، شركتان مستقلتان عن القرار السياسي. ببساطة، الشركتان تشبهان البلد، كل فريق سياسي له فيهما من يدير مصالحه، إن كان توظيفاً أو عقوداً. همزة الوصل في هذه العملية هو وزير الاتصالات. مفتاح سلطته هو توقيعه. إذا لم يكن «راضياً» يستطيع أن يُعرقل عمل الشركتين، وهذا يجعله متحكماً في القرار بشكل كبير، حتى قبل تسلم الدولة للقطاع.
 
اجتماعات لجنة الإعلام والاتصالات النيابية كشفت أنه على مدى أشهر وسنوات كانت صناديق الشركتين مفتوحة على هدر وسمسرات بعشرات ملايين الدولارات. وبعد تسلّم الدولة للقطاع، كل ذلك اختلف، لكنه لم يتوقف. لا إحصاءات دقيقة عن مقدار التوفير. لكن ذلك لا يعني أن العقلية التي تدير الشركتين قد تغيّرت. ما تغيّر فعلاً هو تداعيات الأزمة المالية، التي فرضت نفسها على أداء الشركتين. العقود الجديدة خفّت وتيرتها، والمتعهدون الحاليون صاروا يصارعون للحصول على أموالهم بالدولار، فيما كل طرف في الإدارة يسعى إلى تمييز من يخصّه بهذه الدفعات.
 
هذه المشكلة تبدو جلية أكثر في «تاتش». فشركة «زين» التي كانت تديرها، رفضت الدفع للمتعهدين في الأشهر الأخيرة، بحجة عدم توقيع العقد معها، بعكس شركة «أوراسكوم» التي كانت تدير «ألفا». ذلك خلق عند «تاتش» مشكلة لم تعالج حتى اليوم. لو دفعت للمتعهدين في الوقت المناسب، لما وجدت مشكلة الدفع بالدولار أو بالليرة، فبعض المتأخرات تعود إلى بداية 2019. التأخير فاقم قيمة المبالغ المستحقة على الشركة، التي صارت أغلب مداخيلها بالليرة. ولذلك، بدأت مرحلة المفاضلة بين المتعهدين. من يقبض بالدولار النقدي ومن يقبض باللولار ومن يقبض بالليرة. المشكلة أن في الإدارة من يصرّ على الدفع للمحظيّين بالدولار، حتى لو لم يكونوا مستحقين. لكن في الأغلب، فإن المدفوعات تتم إما بالليرة أو بالدولار. وهذا يؤدي إلى اعتراض شركات عديدة، وتعسّر أخرى. على سبيل المثال، فإن «تاتش» تواجه حالياً احتمال توقّف مركز الاتصالات عن العمل (Call Center) أو تراجع جودة خدماته. فشركة TelePerformance (تابعة لـ»فتّال» غروب) التي كانت تقدم الخدمات الخارجية للمركز (مسؤولة عن تأمين حاجته من الموظفين) توقفت عن العمل. وبحسب المعلومات، فإن المشكلة بدأت بعد أن صار العاملون في المركز من موظفي الشركة يتقاضون رواتبهم على سعر 1500 ليرة للدولار، فيما موظفو «تاتش» يحصلون على رواتبهم بالدولار. وعندما طلبت تعديل العقد تأميناً للمساواة بين العاملين في المركز نفسه، رفضت «تاتش»، مشيرة إلى أنه لا يمكن تعديل العقد إلا في حال إجراء مناقصة جديدة. عندها أعلنت الشركة أنه في حال إطلاق مناقصة ستنسحب، وهو ما حصل.

المصدر:
الأخبار