من دون ادنى شك، حركت رسالة الرئيس ميشال عون الواقع السياسي والاعلامي في لبنان، بعد مراوحة طويلة الامد، لكن عمليا يطرح سؤال جدي حول فاعلية هذه الرسالة في تحقيق نتيجة ما في ملف تشكيل الحكومة ، او اقله في اعطاء دفع سياسي للعهد؟
بحسب مصادر مطلعة فإن رسالة الرئيس عون لم تقدم للعهد ما كان يريده، فبدل ان تؤدي الى الضغط على الحريري لدفعه الى الاعتذار عن عدم التشكيل، او في اسوء الاحوال اجباره على التشكيل وفق القواعد التي وضعها عون، فهي ادت الى تعويمه سياسيا.
وقالت المصادر ان الرسالة ادت الى اظهار الاصطفافات داخل مجلس النواب وبينت ان القوى التي ترفض اعتذار الحريري هي اكثرية كبرى، فموقف حركة امل المعروف أضيف اليه موقف مشابه من الحزب التقدمي الاشتراكي ليبقى موقف “حزب الله” حياديا، وعليه فإن اعتذار الحريري لا يحظى بإجماع ولا بأكثرية، بل ان الرجل يتمتع بغطاء سياسي مقبول.
واعتبرت المصادر ان المناكفات والاشتباك السياسي الذي حصل في مجلس النواب ادى الى شد عصب جدي للحريري، وهذا ما كان واضحا على مواقع التواصل الاجتماعي، اذ ظهر الحريري بمظهر المواجه الذي طالما رغب انصاره برؤيته فيه، وبالتالي ، بدل الضغط على الحريري للاعتذار، بات الحريري مستفيدا من المواجهة وعدم التنازل… فلماذا يعتذر؟اما على المقلب الاخر فهناك رؤية مختلفة، تنطلق من معرفة الغاية الاساسية من رسالة عون، التي لا يمكن وضعها ضمن اطر دفع الحريري للاعتذار، لان عون يدرك بأن التوازنات ليست لصالحه ويدرك ايضا انه ليس هناك اي مخرج دستوري لسحب التكليف.
تعتبر اوساط عونية ان ما قام به عون كان محاولة ضمن سلسلة محاولات من اجل التأثير على الرأي العام، ورمي كرة التعطيل في ملعب رئيس الحكومة المكلف، وهذا ما نجح به نسبياً، لكن الاهم هو ما قام به باسيل، اذ عمد قبل ساعات من جلسة مجلس النواب الى التسريب بأن كلمته في غاية التصعيد.وتضيف الاوساط ان مثل هذه التسريبات قد تكون دفعت الحريري الى رفع سقف خطابه الى حده الاقصى الذي سمعناه في الجلسة، ليظهر ان كلمة باسيل هادئة نسبياً.من هنا، تقول الاوساط ان عون وباسيل اوقعا الحريري في فخ حرق كل المراكب اذ بات سقفه السياسي مرتفعا ولم يعد بامكانه التراجع عنه بسهولة ، وهذا قد يدفعه الى تضييع الوقت الذي لم يعد لصالحه، في ظل المفاوضات السعودية-السورية التي تسيطر على المشهد الاقليمي في الوقت الراهن.