بعد جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون في المجلس النيابي والتي أعادت تثبيت وتكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة، لا جديد على الصعيد السياسي بل هذه الرسالة زادت من حدة التشنجات، وكل المؤشرات تدل على ان المراوحة في هذا الملف مرشحة للاستمرار، وفي غياب أي مسعى داخلي او خارجي لخلق ثغرة في جدار الأزمة. وحده رئيس المجلس النابي نبيه بري سيعمل على تدوير الزوايا من خلال إعادة تحريك الاتصالات بين الأطراف المتخاصمة او عبر عقد لقاءات في الأيام المقبلة قد تحرّك الملف الحكومي.
مصير لبنان لا يزال معلقا و”مفتاح الحل” مفقود حتى الساعة، هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي فالأمور من سيئ إلى أسوأ، فرغم إطلاق مصرف لبنان المنصة الالكترونية فان سعر العملة الخضراء يحلّق وهو لامس أمس الإثنين الـ 13 ألف ليرة.
معاناة اللبنانيين لا زالت مستمرة، شح في المحروقات وذل أمام محطات البنزين، انقطاع أدوية، ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية، أزمة كهرباء أزمة سيولة، بطالة مُستفحلة وغيرها من الأزمات الكارثية التي يعيشها اللبناني منذ أكثر من سنة ونصف السنة، والتي أجمع الجميع على توصيفها بأنها أسوأ أزمة يمرّ بها لبنان.
للأسف هذه الأزمة مرشحة للتفاقم مع اقتراب نهاية شهر أيار وهو الموعد الذي أشيع انه موعد رفع الدعم، وبالتالي موعد الانفجار الاجتماعي الذي يحذر منه الجميع دون استثناء.
البطاقة التمويلية ومصير الودائع
وفي هذا الإطار، وقّع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني مشروع قانون يرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية في خطوة تمهيدية لترشيد الدعم عن المواد الأساسية او رفعه ولكن هذه الخطوة لا تكتمل إلا من خلال إقرارها في مجلس النواب الأمر الذي لن يكون سهلا ويحتاج إلى وقت.
كما ان هذا الأمر يتطلب أولا دراسة معمّقة لجهة تمويل هذه البطاقة، وثانيا لجهة توزيع هذه البطاقات ومن سيستفيد منها. مع العلم ان مصير هذه البطاقات غير مؤكد بعد علما انه لم يحدد بعد مصادر لتمويلها والا سيتم تمويلها من أموال المودعين وهذا الأمر مرفوض بالنسبة لكافة القوى السياسية.
وكان لافتا أمس ما أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان “أموال المودعين ما زالت موجودة”، مشيراً إلى أن “حساب الدولار الذي تم استحداثه ساهم في الانقاذ ظرفياً وأدخل العملة إلى المصارف”.
وكشف سلامة انه مع نهاية شهر حزيران سيتم دفع 50 ألف دولار للمودعين، 25 الف دولار نقدا بالدولار الأميركي و25 الف بالليرة اللبنانية على سعر صرف السوق، وهذا الموضوع سيحل امور نهائيا للمودعين الصغار وعددهم يتعدى المليون و30 الف حساب. هذه الخطوة يعتبر البعض انها قد تخفف من عدد العائلات التي ستطلب الحصول على البطاقة التمويلية في حال إقرارها بدلاً من “الدعم” القائم حالياً.
مخاوف من انفجار اجتماعي
مع انسداد الحل السياسي والاقتصادي ثمة مخاوف من أن تنزلق البلاد إلى فوضى كبيرة ولاسيما مع ما يتردد بأن لبنان قد يبقى بلا حكومة حتى موعد الانتخابات النيابية بين آذار وأيار 2022، ويتردد ايضاً ان لا انتخابات نيابية ولا حتى رئاسية إذا بقيت الأمور على ما هي عليه اليوم.
وقد ذهب أحد السياسيين بتشاؤمه لحد القول انه لا يظن أن ولاية الرئيس ميشال عون ستصل الى نهايتها، متوقعا ان ينهار العهد وان يتفكك إضافة لحصول انقسام وشغب مفتوح.
مع الإشارة إلى ان الاتحاد العمالي دعا غدا الأربعاء إلى الإضراب احتجاجاً على “العجز التام” وللمطالبة بتأليف “حكومة اختصاصيين على قاعدة برنامج وطني اقتصادي انقاذي وتأسيس عقد اجتماعي جديد”، ورفض رفع الدعم من دون خطة اقتصادية ومن دون المس بالاحتياطي الإلزامي وأموال المودعين، معتبرا ان هذا التحرك يندرج في إطار “الانذار الأخير الذي سيسبق الانفجار الاجتماعي والشعبي الكبير”.
الكل يتخوف من الانفجار الاجتماعي ومن حصول حوادث أمنية متنقلة، علما ان لبنان يشهد في الفترة الأخيرة نسبة جرائم قتل وسرقة مرتفعة كانعكاس للوضع الاقتصادي السيئ، ومع استمرار الوضع الحالي فلا يُمكن القول الا ان الآتي أعظم.