في 25 ايار.. هل معادلة الجيش والشعب والمقاومة لا تزال صالحة؟

26 مايو 2021
في 25 ايار.. هل معادلة الجيش والشعب والمقاومة لا تزال صالحة؟

كثيرة هي المعادلات التي فرضتها المقاومة في المنطقة مع العدو الإسرائيلي. بالأمس القريب أجمع الكثير من الخبراء العسكريين في المنطقة وفي الغرب أن المقاومة في غزة فرضت معادلة جديدة في الصراع مع إسرائيل، تمثلت في صمودها وفي تلاحم الشعب في القدس والضفة الغربية، وأكدت أنها تمتلك أسلحة أصبحت تطال أغلب فلسطين.
 
على خط لبنان، فمع كل إطلالة للأمين العام العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سواء للاحتفال بذكرى التحرير عام 2000 او انتصار اب 2006، او للاضاءة والتصويب على رد الحزب على عدوان استهدف مقاتليه في سوريا، تتردد العبارة نفسها والتي تقول إن حزب الله فرض معادلة جديدة وانتقل من الردع إلى قوة الردع و اسقاط المسيرات الاسرائيلية فضلا عن امتلاك الصواريخ الدقيقة.
 
أكد الأمين العام لحزب الله يوم أمس في إطلالته بمناسبة 25 ايار أن المقاومة في لبنان في أحسن حال ولم يمر عليها يوماً كانت قوية كما هي الآن كماً وكيفاً ونوعاً وجهوزيةً واستعداداً، موجهاً رسالة للعدو بأن “لا يخطِئ التقدير في لبنان وأن لا يدخل في حماقة جديدة”. وقال في سجل الحساب مع العدو حساب دم الشهيد محمد طحان يعبر عن الجيل الحاضر لإقتحام الحدود وقص الشريط الشائك والدخول بلا سلاح، قائلاً “هذا دم صبرنا عليه ولكن ما تركناه ولن نتركه”. وأشار السيد نصر الله إلى أن التحرير عام 2000 صنعه الشعب اللبناني والمقاومة، وكان من أهم عوامله الموقف الرسمي الصلب، وذكر أن الانتصار حينها أسس لقواعد وثقافة وقيم جديدة، ووضع العدو والقضية الفلسطينية والصراع أمام مسار استراتيجي مختلف، محذرا قادة العدو من المخاطر استراتيجية لهزيمتهم.
 
رغم تأكيد السيد نصر الله مرارا أن السلاح لحماية المقاومة ولصون الدولة ومؤسساتها، بيد أن هذا الأمر ينقسم حوله اللبنانيون من سياسيين ومواطنين، بين مَن يؤيد مواقف حزب الله من اسرائيل ومن أهمية فتح الجبهات في وجهها عندما يحين الوقت، ومَن يعتبر أن حزب الله يواصل إقحام لبنان في صراعات اقليمية ودولية نحن في غنى عنها، وأن الوقت حان لتحرير لبنان من التدخل الايراني، ولا يجوز لمكون سياسي وعسكري ان يتحكم بقرارات الدولة الاستراتيجية ويسيطر على مفاصلها ويقطع علاقاتها مع عمقها العربي.
 
هذا الانقسام يتظهر عند كل محطة عسكرية او سياسية او مناسبة وطنية، حيث تختلف المصطلحات التي تستخدم في التصريحات والتغريدات بين حزب و آخر ، وبين سياسي وآخر حتى داخل المحور الواحد لحسابات مختلفة.
 
الهاجس الأكبر عند المكونات السياسية المحسوبة على ما يعرف بفريق 14 اذار يتصل بقرار السلم والحرب، وهذا الامر يتوقف عنده التيار الوطني الحر في مناسبات معينة، وان اعتبر في مناسبات اخرى أن سلاح حزب الله جزء من أزمة إقليمية ومرتبط بالحسابات والميادين العربية ولا قدرة للبنان على حلّها، عطفا على أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكد في اكثر من مناسبة أنه لا ينصاع إلى أي رأي أو قرار يدفعه باتجاه فتنة داخلية، ويعتبر ان التفكير في نزع سلاح الحزب سيتم بعد وقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان.
 
في ضوء هذا التضارب الحاد من من حزب الله وسلاحه، يطرح الكثيرون اسئلة ملغومة ويملكون الاجابة عليها حول موقف حزب الله من مسألة ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة. بالنسبة إلى هؤلاء، ما يقوله السيد نصر الله حيال التزام الحزب بما تحدده الدولة في ترسيم الحدود مع اسرائيل، لا يجوز ولا يصح، لمقاومة تصدح صباحا ومساء بضرورة تحرير الارض وحصول لبنان على حقوقه والمحافظة على سيادته في البر والجو والبحر. وبالتالي هل يجوز ان يقف الحزب على الحياد او يتعمد ان يكون بمنأى عن الترسيم من اجل ان لا يصطدم مع فريق سياسي ضد الاخر.
 
بالنسبة إلى حزب الله، ما يقوم به في بالغ الاهمية على المستوى الوطني، فهو لا يريد ان يحدث شرخا داخل بيئته او مع البيئات الاخرى ، لأن من شأن ذلك ان يفتح أبواب جهنم في لبنان، لكن في المقابل ثمة من يسأل في الأوساط السياسية عن الازدواجية في موقف حزب الله الذي تارة يعلن أنه يقف على الحياد بملف الترسيم، حتى لو كانت نتائج المفاوضات التي قد توافق عليها الدولة في النهاية على حساب حقوق لبنان، وتارة أخرى يعلن صراحة التصدي لأي عمل عسكري اسرائيلي في جنوب لبنان من دون الرجوع إلى الدولة.
 
إذن المعضلة تكمن، بالنسبة إلى الاوساط نفسها، في قرار الحرب والسلم، لتشدد على أن هذا الواقع الراهن يفترض ضرورة الذهاب إلى وضع تصورات لهذا الملف الخلافي في لبنان، من منطلق سيادة لبنان بالدرجة الأولى واضفاء الشرعية الحقيقية للدولة وللجيش بعيدا عن منطق الدويلات الموزعة في المناطق اللبنانية، والتي ليست محصورة بالحزب وحده، بمعزل عن احتكاره لقرار مقاومة اسرائيل. وبالتالي ألم يحن الوقت لطاولة حوار تبحث في الاستراتيجية الدفاعية للبنان وفي بناء مقاومة من اللبنانيين من مختلف الاحزاب والطوائف، فمعادلة جيش شعب ومقاومة لم تصح يوما في ظل الانقسام الشعبي حول حزب الله والذي بدا جديا في السنوات الماضية.
 
لطالما تغنى لبنان بسويسرا ولقب بسويسرا الشرق، فهو شكل في مراحل سابقة سبقت الازمة الراهنة المركز المالي للشرق الأوسط، ومثّل أهم المراكز المصرفية في آسيا الغربي، فلماذا لا يقتبس اليوم من سويسرا منظومتها الدفاعية القائمة على فكرة الجيش بما يمثل والشعب في إشارة إلى الاحتياطيين من المدنيين من مختلف المذاهب؟