كتب جورج شاهين في “الجمهورية”: إن أصرّ البعض على الحديث عن عناصر خارجية تعوق الحل، كأن يقال انّ طهران لا تريد حكومة في لبنان اليوم أو أن السعودية ترفض وجود حكومة برئاسة الحريري، فإنّ بعض المواقف الاخيرة قَلّلت من اهمية هذه العناصر، ودعت الى الاقلاع في الخطوات الداخلية لخلق جَو جديد من التعاون يمكن استثماره في إعادة إحياء الثقة الخارجية بالحكم في لبنان. وفي عِلم العارفين بالتوجّهات الفرنسية انّ الترتيبات الجارية لزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للرياض في النصف الأول من حزيران المقبل لربما فتحت ثغرة في الحصار الخارجي الذي يعانيه لبنان، يمكن ان يساهم في إحياء برامج المساعدات الخليجية له او على الاقل اعادة الملف اللبناني الى طاولات المانحين بعدما عَبّروا عن إهمال غير مسبوق لهذه الجهة أبعدت لبنان عن برامج نشاطاتهم وعنايتهم المادية والسياسية بعد الديبلوماسية.
وإن توقّف المراقبون أمام العقدة الإيرانية فقد رأوا في موقف الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أمس الأول إشارة واضحة الى امكان ان تكون طهران متعاونة مع حكومة بالمواصفات التي يتحدث عنها الجميع، وانّ هامشاً واسعاً للحركة لديه يمكنه ان يخوض في كثير من تفاصيل المرحلة المقبلة بتفويض لا نقاش فيه ولا شكوك في حجمه وقدرته على التماهي مع اي حل من هذا النوع. فالحزب سجّل منذ جلسة السبت الماضي موقفا حياديا وضَعه على مسافة واحدة من طرفي النزاع اي عون والحريري، وهو ما يؤهّله ليكون داعماً لأي مبادرة يرعاها بري ويقود الاطراف المختلفة اليها عبر صيغة جديدة تتناول طريقة تسمية الوزراء المسيحيين بطريقة تُنهي الخلاف من حولهما كما إطفاء اي حديث عن الثلث المعطل أو اي صيغة أخرى، إن كان صحيحاً أنّ الخلاف يدور حول تسمية وزيرين وتوزيعة حقيبتين، وهذا الأمر يعني وزارتي الداخلية والعدل.
وانطلاقاً مما تقدم، تنطلق الرؤية لتقدير المرحلة المقبلة إن صَحّت هذه القراءة المتفائلة والنظريات التي عزّزتها، لتكتمل فصولها بما ستحمله الايام المقبلة من خطوات تعزز هذا الاتجاه، أو أن تنفي وجوده من أساسه ليعود الجميع كلّ الى متراسه السابق. وهو ما سيؤدي الى مزيد من الانهيارات إذا عَبر الدولار عتبة الـ 13 الف ليرة الى رقم لا يستطيع احد تقديره منذ الآن. وليكون ما عبر عنه إضراب الاتحاد العمالي العام في الامس وما انتهى اليه مشروعاً قابلاً للتكرار في اي يوم آخر قد يحمل رسائل أكثر وضوحاً، فالتجارب السابقة ما زالت ماثلة في الأذهان ولا حاجة للتذكير بمحطات سابقة استغلّ فيها الاتحاد لقيادة البلاد الى مكان آخر.
المصدر:
الجمهورية