كتبت هيام قصيفي في”الاخبار”: قبل سنة من انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، بدأ الكلام عن الانتخابات النيابية من زاويتين: كلام قديم – جديد باحتمال تأجيلها، وكلام جديد عن الضغط الدولي لإجراء الانتخابات في موعدها. لكن حديث الانتخابات، الذي يستسهله السياسيون، لا يتعلق فحسب بموعد الاستحقاق النيابي. على الطريق إليه، أفخاخ ومشكلات تحتاج إلى معالجات قبل الوصول إلى موعد الاستحقاق. أولها مشكلة القانون في ذاته.
لكن بقاء القانون على حاله، سيطرح إشكالات أخرى على طريق تنفيذ بعض البنود فيه، التي حدّد استخدامها «في العملية الانتخابية المقبلة»، وهي تفترض إما تعليقاً أو تعديلاً لتعذّر القيام بها في ظل الظروف الراهنة. وهذا يفترض ورشة تشريعية، فكيف يمكن الاتفاق عليها في ظل الانقسام حول بقاء القانون إذا فُتح الباب أمام مناقشته؟
أول تلك البنود ما يتعلق بتخصيص 6 مقاعد نيابية لغير المقيمين. إذ نصّت المادة 122 على أن «تُضاف ستة مقاعد لغير المقيمين إلى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضواً في الدورة الانتخابية التي ستلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستُجرى وفق هذا القانون.
وبما أن الانتخابات التي ستُجرى في عام 2022، هي الدورة التي تلت الدورة الأولى التي أُجريت وفق القانون الحالي، كيف يمكن تحقيق هذا البند، وإجراء انتخابات هي الأولى من نوعها، في ظل الظروف المتعلقة بالعملية الإدارية نتيجة الوضع المترهّل والسياسي المتعثر؟ ناهيك بالإحاطة السياسية بعملية هي الأولى من نوعها في لبنان، خصوصاً أن الدورة التي تلي انتخابات عام 2022 يفترض أن تشهد خفض 6 مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب الـ 128، من الطوائف نفسها التي خُصّصت لغير المقيمين؟
ثانياً، لم يعد خافياً وضع السفارات والقنصليات والأزمة المالية التي تضربها في عدد من الدول واحتمال إقفال بعضها وتعذّر قيام بعضها الآخر بأقل الأعمال المطلوبة. فكيف يمكن وفق ذلك تنفيذ المادة 11 من القانون التي تنص على حق غير المقيمين في الاقتراع «في مراكز انتخابية في السفارات والقنصليات أو في أماكن أخرى تحددها الوزارة…
ثالثاً، تنص المادة 84 من قانون الانتخاب الحالي المتعلق بالبطاقة الانتخابية الممغنطة على الآتي: «في العملية الانتخابية المقبلة، على الحكومة بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين، بناءً على اقتراح الوزير، اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة». فكيف يمكن إجراء الانتخابات من دون هذه البطاقة، التي تم تجاوز العمل بها سابقاً، ومن الذي سيقبل أو يرفض إجراء العملية الانتخابية من دونها. علماً أن كل ما ورد في حال تجاوزه من دون قوننته، يعني أن الانتخابات ستكون قابلة للطعن.
تضاف إلى ما سبق بنود أساسية وتفصيلية تحتاج إلى مجلس الوزراء كمثل تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، بمرسوم في مجلس الوزراء، وبحسب نص القانون فإنها تُعين ضمن مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القانون الحالي. فكيف ستُعالج هذه المسألة في ظل حكومة مستقيلة؟ إذ بين هذه الحكومة المستقيلة ومجلس نواب منقسم بين قواه السياسية على بقاء القانون ذاته أو تعديله، هناك مجموعة بنود تحتاج من الآن إلى البحث الجدي، لأنها ليست تفصيلية، بل أساسية في صلب العملية الانتخابية. وهي ليست عملية إدارية بل هي ورشة عمل تحتاج إلى مجلس الوزراء كما إلى مجلس النواب.