أين كان المسؤولون عندما استبيحت أموال اللبنانيين هدرا وسرقة وفسادا؟

30 مايو 2021
أين كان المسؤولون عندما استبيحت أموال اللبنانيين هدرا وسرقة وفسادا؟

 ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة قداس أحد السامرية في كاتدرائية القديس جاورجيوس، ورقى خلال القداس الإيبوذياكون مايكل إلى رتبة الشموسية وأعطاه إسم باييسيوس، والشماس سلوان إلى رتبة الكهنوت.

وبعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها: “المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور، سمعنا اليوم عن لقاء الرب يسوع بالمرأة السامرية، التي خصصت لها كنيستنا المقدسة تذكارا في الأحد الثالث بعد الفصح، إن الماء الذي طلبته السامرية هو الروح القدس. في حواره معها، كشف لها المسيح تدريجيا عطية الله. إلتقاها عند بئر يعقوب حيث جلس ليرتاح من السير، فطلب منها ماء قائلا: “أعطيني لأشرب”. إبن الله المتجسد، الإنسان التام، حمل على عاتقه شقاء الإنسان الفاني، فكان يتعب ويجوع ويعطش، كما بكى على صديقه لعازر الرباعي الأيام. لقد سمح للطبيعة البشرية أن تعمل فيه وتظهر خواصها، وطبعا لم يقو عليه لا الجوع ولا العطش أو الحزن، كما أن هذه الخواص لم تفرض عليه حكما، بل أراد المسيح بنفسه أن يعطش ويجوع ويبكي لأنه هو المحبة. المسيح – المحبة تنازل وأخلى ذاته واتخذ جسدنا، وباتحاده بطبيعتنا، حمل الرب كل خواصها وأحزانها على عاتقه”.

وتابع: “إن إحدى الحقائق المهمة التي يكشفها لنا لقاء المسيح بالسامرية، هو الترابط بين طريقة الحياة والإيمان. فالمؤمن الحقيقي يعبر عن إيمانه من خلال حياته. إذا توقفنا عند نقاط محددة من حوار المسيح مع السامرية، نجد أن المسيح طلب منها ماء، فذكرته هي بعدم جواز مخالطة اليهود للسامريين. اليهود مؤمنون بالناموس، والسامريون مرتدون عنه. لما وجد المسيح نفسه إزاء أرض خصبة، بدأ يلقي بذار كلمته. شرع يحدث السامرية عن الماء الذي يستطيع أن يمنحها إياه، والذي إن شربت منه لن تعطش أبدا. هكذا، إرتقى بذهنها من مياه البئر إلى نعمة الروح القدس”.وتابع: “التواضع فضيلة الفضائل، وحسن الإصغاء أيضا فضيلة. ما ينقص معظم اللبنانيين، والمسؤولين بخاصة، هو التواضع العميق، تواضع القلب والفكر، والإصغاء إلى النقد قبل المديح. لقد حاولنا مرارا وتكرارا، حبا بهم وبوطننا، لفت نظرهم إلى مواطن الخلل في حياتنا ومسيرة وطننا ولكن كما يقول الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي. للأسف، لهم عيون ولا تبصر ولهم آذان ولا تسمع. لو شكلوا حكومة اتخذت الإجراءات الضرورية منذ مدة لما وصلنا إلى هذا القعر. لو حولوا شعاراتهم إلى حقائق، وطبقوا ما ينادون به من محاربة الفساد، والتدقيق الجنائي، وحفظ حقوق المواطنين، والتخلص من الطائفية، وغيرها من الشعارات، لما انهار البلد ويئس المواطن. فالمؤسسات الوطنية إقطاعيات للطوائف، والوزارات حكر على أحزاب، والنزاعات الطائفية ازدادت، والمظاهر المسلحة والسلاح المتفلت والإستعراضات الاستفزازية لا تجد من يقمعها، والفساد ما زال مسيطرا على النفوس والإدارات، والإحتكار تفاقم، والغلاء استفحل، والمحروقات ندرت لأنها تهرب أكثر فأكثر، وأزمة النفايات لم تحل، أما الكهرباء فعوض أن تكون من بديهيات الحياة أصبحت كالبدر تفتقد، لأن الهدر زاد عوض معالجته، والجباية تكاد تكون متوقفة وهي مصدر التمويل الأساسي لمؤسسة الكهرباء، وقد سمعنا عن مليارات متراكمة لم تحاول إدارة الكهرباء حتى المطالبة بها، كما لم تحاول توقيف التعديات على الشبكة ومعاقبة الفاعلين، أو وقف الهدر والسرقة، وجباية المستحقات واستيفاء الديون أو وضع برنامج واضح لصيانة المعامل وزيادة الإنتاج وغيرها من الأمور التي تساهم في تأمين الكهرباء للبنانيين”.ولفت الى ان “اللبناني لم يعد يصدق أن الدولة لم تكن قادرة على إيجاد الحلول لمشكلة الكهرباء طيلة عقود. أي لغز هو لغز الكهرباء؟ هل هي مهمة مستحيلة أم أن هناك سببا آخر نجهله؟ أين التخطيط والإستشراف؟ أين الإدارة الرشيدة؟ وهل يعاقب الشعب بأكمله بسبب بعض الفاسدين والمعرقلين والسماسرة؟ هل على المواطن أن يبقى ضحية الضغينة والحقد والنكايات، أو قصر النظر والإستهتار وعدم التخطيط، وأن يتأقلم مع كل الأوضاع حتى وإن كانت على حساب راحته وكرامته؟ وهل يوجد في القرن الحادي والعشرين بلد يعيش في الظلمة، ويتكل على المولدات الخاصة، عوض بناء معامل الإنتاج، وحتى إنتاج الطاقة البديلة النظيفة؟ أين حاملو لواء محاربة الفساد؟ أين المحاسبة؟”.وقال: “نحن بحاجة إلى محاسبة كل فاسد أو مقصر أو متعد. من هنا يبدأ الإصلاح. وقد أصبح ضروريا لأن حياة اللبنانيين أصبحت في خطر. حتى الأدوية لم تعد موجودة، ومرضى السرطان يعانون، كما تعاني المستشفيات من نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية وكل ما تستعمله في المختبرات وغرف العمليات. لم يعد بمقدور المستشفيات أن تقوم بواجبها تجاه المواطنين الذين سرقت أموالهم، واستنزفت ودائعهم في دعم سلع تهرب أو تحتكر، ودولتهم عاجزة عن دعم ما هو أساسي لصحتهم، أعني الأدوية والكواشف المخبرية وغيرها من المستلزمات الطبية. أين كان المسؤولون عندما استبيحت خيرات لبنان وأموال اللبنانيين هدرا وسرقة وفسادا؟ وهل صحة اللبنانيين سلعة أو ورقة مساومة؟.بئس ما وصلنا إليه. والآن يعدون المواطنين ببطاقة تمويلية أخشى أن تصرف مما تبقى من ودائعهم، فنكون كمن يلحس المبرد ويتلذذ بطعم دمه، كما أخشى أن تشكل رشوة انتخابية يستعملها السياسيون لغاياتهم. دعاؤنا أن يرأف الله بنا وأن يلهمنا الصبر وطول الأناة، وأن يضع في قلوب من يتولون أمرنا المحبة والتواضع والرحمة، ويمنحهم صحوة الضمير وبعد النظر وحسن التخطيط وخاصة حسن الإصغاء”.