المبادرة الفرنسية تتنفس: مؤتمر ووثيقة تأسيسية

1 يونيو 2021
المبادرة الفرنسية تتنفس: مؤتمر ووثيقة تأسيسية

كتب طوني عيسى في “الجمهورية”: المتابعون يؤكدون أنّ إدارة بايدن جدّدت إطلاق يد فرنسا لإنجاح مبادرتها في لبنان، وأزالت التحفّظ الذي كانت تلتزمه إدارة الرئيس دونالد ترامب. واليوم، تتوافق واشنطن وباريس على هدف مشترك في لبنان، وهو أن لا تؤدي الضغوط التي تُمارس عليه إلى انهياره كلياً، بحيث تنشأ وضعية شاذة ربما يَصعب إصلاحها.

ولذلك، يمنح الأميركيون ماكرون «توكيلاً» بمعالجة الملف اللبناني، ضمن ضوابط متفق عليها. وهناك توطيد للعلاقات وثقة متنامية وتَناغم بين بايدن وماكرون في النظرة إلى كثير من الملفات في العالم، وبينها لبنان.واضح أنّ واشنطن باتت اليوم أكثر تقبّلاً لاعتماد «الخيار الاستيعابي» الذي يؤيده الفرنسيون في لبنان. وفي السابق، فشل هذا الخيار لأنّ ترامب كان يتبنّى نظرية «الضغط الأقصى». ولطالما رأى الفرنسيون أن زيادة الضغط على لبنان، بلا حدود ولا ضوابط، سيوقع فيه الضرر الجسيم، فيما «حزب الله» يزداد قوة. ولذلك، لا حلّ للمشكلة إلا بالحوار السياسي.

وطوال سنوات، بقيت المؤسسات في لبنان تشكل خطّاً أحمر لا يتجاوزه الأميركيون أو الفرنسيون، وفي مقدمها الجيش ومصرف لبنان. وعندما كانت تتداعى مؤسسات الحكم والإدارة، بقيت هاتان المؤسستان ركيزة لا بدّ منها لإعادة البناء. واليوم، إذ يتعرَّض القطاع المصرفي لضربة قاسية، بات الجيش وحده الضمان الباقي.
وهذا هو جوهر التلاقي الأميركي – الفرنسي، حالياً، حول المؤسسة العسكرية، والتعاطي الاستثنائي مع قائدها العماد جوزف عون في زيارته الفرنسية الأخيرة واللقاء مع ماكرون، والقرار بتنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش، برعاية فرنسية.
فهناك حرص أميركي – فرنسي على عدم السماح بأن تترك الأزمة المالية انعكاساتها على الجيش مؤسسةً وأفراداً، سواء في الجوانب المهنية أو الاجتماعية، ما ينعكس سلباً على معنويات الأفراد وقدرتهم على أداء مهماتهم.هذا التنسيق الأميركي – الفرنسي في موضوع الجيش، تعتقد المصادر المواكبة أنه سيكون جزءاً من عملية تَدخُّل شاملة في الملف اللبناني ستظهر مفاعيلها بالتوازي مع دخول لبنان مراحل انهياره القاسية. وهذا التدخُّل، وفق المصادر، سيتولّاه الفرنسيون وسيكون مبرمجاً على بنود المبادرة التي أطلقها ماكرون خلال زيارته الأولى للبنان، يوم 6 آب الفائت، والتي تتضمن تأليف حكومة مَهمَّة وإقرار وثيقة ذات طابع تأسيسي، تتضمن إنتاج سلطة جديدة، إصلاحية، تحافظ على التوازن، وتقرّ حياد لبنان الإيجابي واللامركزية التي هي أحد البنود الواردة في اتفاق الطائف.ولإنجاح المبادرة، سترعى فرنسا على أرضها مؤتمرَ حوارٍ لبنانياً عاماً يتبنى الوثيقة، ويحظى بتغطية إقليمية ودولية. وبعد ذلك، تعاود فرنسا دعوتها إلى مؤتمر دولي لتحريك المساعدات المقرَّرة في مؤتمر «سيدر» العام 2018، بهدف توفير الأرضية للحلّ.