كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: أدارت عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى لبنان كل محركات تأليف الحكومة، خصوصا أن ما كان يُطرح في الاعلام وعن بُعد، دخل أمس حيز النقاش الفعلي في لقاءات كان مسرحها عين التينة وبيت الوسط ومنزل النائب جبران باسيل، فيما كان الترقب سيد الموقف حول النتائج الأولية التي أفضت الى مزيد من التأرجح، أو ما يمكن تسميته ″تشاؤل″ بفعل إيجابية الشكل وسلبية المضمون.
يمكن القول، إن الطبق الأساسي على مائدة الغداء التي تخللت لقاء الرئيس نبيه بري مع الرئيس الحريري في عين التينة، هو عدم خروج عملية التأليف من الضوابط الدستورية ومن إحترام صلاحيات رئاسة الحكومة، وقد كان ذلك محور إجتماع رؤساء الحكومات في بيت الوسط والذي شكل قوة دفع ودعم للحريري لعدم التفريط بالصلاحيات أو القبول بضرب الدستور.
تشير المعلومات الى أن الحريري لم يحمل معه أي تصور حكومي الى عين التينة، بل ذهب كمستمع الى طروحات الرئيس بري الذي قدم مبادرته من حيث الشكل وهي حكومة من 24 وزيرا من (3 ثمانات) ومن دون ثلث معطل لأي تيار سياسي.
وتكشف المعلومات أن الحريري وافق مبدئيا على هذه الصيغة، لكنه تمسك بالصلاحيات التي منحها له الدستور في تسمية الوزيرين المسيحيين، مؤكدا رفضه المطلق لطرح باسيل في مشاركة كل الأطراف في تسميتهما، وكذلك طرح رئيس الجمهورية في مشاركته بالتسمية، لأن ذلك من شأنه أن يعطي فريق العهد الثلث المعطل بطريقة إلتفافية، لافتا الى أنه مستعد لطرح عدد كبير من الأسماء المسيحية الى أن يوافق الرئيس ميشال عون على إثنين منها.
في غضون ذلك، عقد إجتماع في منزل جبران باسيل ضمه النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل بإسناد من الحاج وفيق صفا وذلك في محاولة لتذليل العقبات حيال تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين ،وبحسب المعلومات ،رفضت بكركي الدخول في تسميتهما وكذلك الرئاسة الفرنسية، وأيضا الثنائي الشيعي منعا للحساسيات التي يمكن أن تثيرها سابقة من هذا النوع. ويأتي ذلك مع سقوط فكرة الوزيرين الملكين بعدما لُدغ الحريري من “جحر” الوزير الملك في العام 2011 عندما كان يستعد للقاء الرئيس الأميركي أوباما.
وتقول المصادر أن باسيل أعرب لضيوفه بأنه غير متمسك بطرح مشاركة كل الأطراف بتسمية الوزيرين المسيحيين، لكنه في الوقت نفسه شدد على ضرورة مشاركة رئيس الجمهورية الذي يحق له أيضا برأي باسيل أن يسمي وزراء مسلمين بما يحقق وحدة المعايير..
كل ذلك، يشير الى أن الأمور ما تزال على حالها من التعقيد، ما دفع المعنيين الى طلب 24 ساعة لدرس الخيارات، خصوصا أن الشياطين ما تزال تستوطن بالتفاصيل ولا يمتلك أي طرف التعويذة المناسبة لطردها، وتحديدا بما يتعلق بتسمية وزيري الداخلية والعدل، فضلا عن الثلث المعطل الذي يكتشف الحريري أن كل الطروحات البرتقالية سواء من الرئيس عون أو من النائب باسيل تصب في حصولهما عليه، ما يؤدي الى تعميق الأزمة.وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر بيت الوسط بأن الحريري لن يعتذر وماض في مهمته حتى النهاية، تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الطبخة الحكومية وضعت على النار، فإما أن تبدأ بالنضوج فيتجه الرئيس بري خلال الساعات الـ 24 المقبلة الى قصر بعبدا تمهيدا لزيارة الحريري حاملا معه التشكيلة المحدثة الى رئيس الجمهورية، وإما أن تحترق الطبخة وتحرق معها التكليف والبلد الذي سيكون على موعد مع الانفجار الكبير.
المصدر:
سفير الشمال