“رئيس جهنّم”.. ما “سِرّ” الهجوم “المستقبليّ” الشَّرِس على “العهد”؟!

2 يونيو 2021
“رئيس جهنّم”.. ما “سِرّ” الهجوم “المستقبليّ” الشَّرِس على “العهد”؟!

 “مُبالَغًا به” بدا لكثيرين الهجوم الشَّرِس وغير المسبوق الذي أطلقه تيار “المستقبل” في وجه “العهد” خلال الساعات الماضية، وتجلّى بوضوح في بيانه الرسمي الذي ألمح إلى أنّه “عهد جبران باسيل”، لا ميشال عون، قبل أن يستلحقه بحملةٍ واسعة على منصّات التواصل، تحت شعار “رئيس جهنّم”، ما كلّ ما ينطوي عليه التعبير من أبعادٍ سلبيّة وقاسية.

 أثار هذا الهجوم الكثير من التساؤلات في الكواليس السياسية، في الشكل والمضمون، وقبل كلّ شيء، من حيث التوقيت، تزامنًا مع بلوغ مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي أبدى الرئيس المكلَّف سعد الحريري تجاوبًا كامل المواصفات معها، ذروتها، رغم بعض الأجواء السلبيّة التي شوّشت عليها، ويقول “المستقبليّون” إنّ الوزير جبران باسيل يقف خلفها، بدليل أنّها لم تبدأ سوى بعد انفضاض اجتماعه مع “الخليلين” في ميرنا الشالوحي.

 ويذهب البعض أبعد من ذلك، ليقول إنّ “المستقبل” بهجومه غير المسبوق، أطلق “رصاصة الرحمة” على المبادرة، فكيف لها أن تنجح وهدفها المُعلَن تقريب وجهات النظر بين الحريري وعون وباسيل، تمهيدًا لتأليف حكومة ترعى شروط “المساكنة” بينهما، طالما أنّ “المستقبل” استبقها بالتصويب على باسيل بهذا الشكل، من دون حفظ “شعرة معاوية” معه، أو ترك أيّ “خط رجعة” يمكن أن ترسمه المفاوضات المتواصلة على أكثر من خطّ. “البادي أظلم” يرفض “المستقبليّون” مثل هذا الاستنتاج، لأنّ البيان الذي أصدره تيار “المستقبل”، وإن بدا عالي السقف وناريًا، وفق ما أجمعت القراءات والتحليلات والتفسيرات، إلا أنّه جاء، وفق قاعدة “البادي أظلم”، بمثابة “ردّة فعل” على “فعل” أقدم عليه الوزير باسيل، من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء اجتماع تكتل “لبنان القوي”، وحاول أن يظهر من خلاله بمظهر “الملاك” الحريص على ولادة الحكومة، من دون أن يثنيه ذلك عن تمرير الكثير من “الرسائل الخبيثة”، إن جاز التعبير. من هذه “الرسائل” مثلاً، دائمًا وفقًا لما يقوله “المستقبليّون”، “زعم” باسيل أنّه “سيطفئ” أيّ ذريعة جديدة لعدم تشكيل الحكومة، توازيًا مع مواصلته “فرض الشروط ومصادرة الصلاحيات”، على غرار إصراره على أن “يحجب”، من دون صفة تمثيلية، عن الحريري حقّه الدستوريّ بتسمية وزراء مسيحيّين من خارج حصّة رئيس الجمهورية، يما “ينسف” صيغة “8-8-8” التي تمّ التوافق عليها، ويقلّص حصّة رئيس الحكومة إلى ستّة وزراء فقط، تضمّه إلى رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط. أما الرسالة الثانية، التي لا تقلّ “خبثًا”، وفقًا لأوساط “المستقبل”، فتكمن في “قفز” باسيل فوق مبادرة بري، من دون انتظار نتائجها، أو ربما يحكم عليها سلفًا بصورة سلبيّة، ليتحدّث عن “خيارات” يدرسها، بينها أن يدعو رئيس الجمهورية إلى حوار في قصر بعبدا، وهو ما يرفضه الحريري جملةً وتفصيلاً، لما تنطوي عليه أيضًا من “مصادرة للصلاحيات”، علمًا أنّ باسيل نفسه كان أول “المنقضّين” على فكرة مماثلة حين أراد برّي أن يكون “راعي” الحوار، وربما بالتالي “ضمانته”. هل “انتهت” مبادرة بري؟ “البادي أظلم”، يقول “المستقبليّون” إذًا، محمّلين الوزير باسيل مسؤولية إفشال مبادرة بري، تمامًا كما أفشل كلّ الوساطات والجهود، بإصراره على الشروط نفسه، متجاهلاً حقيقة أنّ البلاد لا تتحمّل المزيد من “العنتريّات”، وأنّ المطلوب “حكومة إنقاذ” بعيدة كلّ البُعد عن نهج “المحاصصة” الذي يصرّ عليه باسيل، وهو “يجاهر” بـ”تعفّفه”، ورفض أيّ حصّة في الحكومة لنفسه، الأمر الذي لا ينعكس بالمُطلَق في الممارسات. لا يعني “التصعيد” المستجِدّ، أقلّه وفقًا لـ”المستقبليّين”، أنّ مبادرة برّي استنفدت، أو أنّها انتهت، حيث يؤكدون “تجاوبهم” معها حتى اللحظة الأخيرة، مع الاحتفاظ بـ”حقّ الرد” على أيّ استفزاز يصدر على هامشها، عن أيّ جهة، كما حصل بالأمس، علمًا أنّ الرئيس برّي يدرك، وفق ما يقول هؤلاء، مدى “انفتاح” الرئيس المكلَّف على الحلول، وهو ما تُرجِم أصلاً بأجواء إيجابية بعيد لقائهما الأخير في عين التينة مطلع الأسبوع. أما الحلّ المنشود “مستقبليًا”، وفقًا للأوساط نفسها، فيبقى محكومًا بالمعادلة التي خرج بها اجتماع رؤساء الحكومات السابقين في بيت الوسط، وقوامها “لا اعتذار ولا تنازل”، أقلّه حتى تتبلور نتيجة الاتصالات، رغم بعض التسريبات التي تتحدّث عن أنّ “الاعتذار” عاد ليُطرَح جدّيًا على الطاولة، نتيجة قناعة دوليّة بعدم القدرة على الاستمرار بالمنوال نفسه، وهي تسريبات تبقى منقوصة، لأنّ الاعتذار إن تمّ، فلن يحصل سوى بموجب “تفاهم مسبق” على “البدائل”، الأمر الذي لا يبدو متوافرًا في المعطيات الراهنة. يقرّ “المستقبليّون” بأنّ الهجوم الأخير على عون بوصفه “رئيس جهنّم” كان قاسيًا، إلا أنّهم يشيرون إلى أنّ “استفزاز” باسيل هو الذي دفع تلقائيًا إليه، علمًا أنّ الرئيس كان أول “المبشّرين” بجهنّم، من دون أن يعكس في ممارساته ما يجنّب البلاد “نارها”، نار يشعر كثير من اللبنانيين أنّها وصلت إليهم، وتكاد تحرقهم وهم أحياء!