بعد أن أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته، بدأت الحركة المكوكية مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت. التقى الاخير رئيس المجلس، في حين أرسل الاول معاونه السياسي النائب علي حسن خليل برفقة معاون الامين لـ”حزب الله” حسين خليل ومسؤول الارتباط والتنسيق في “الحزب” وفيق صفا للقاء رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. انتهى اللقاءان دون نتائج ملموسة، فالعلاقة بين عون وباسيل والحريري “مش ظابطة”، والحكومة في خبر كان. ولاول مرّة يُنقل عن الحريري قوله إن “المستقبل” لا يمانع الاستقالة من البرلمان والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة. أما اعتذار الرئيس المكلف فعاد إلى التداول من جهة، مع تلويح نيابي “عوني” بالاستقالة من جهة ثانية. البلد على كفّ عفريت سياسيا. أما اقتصاديا، فالضائقة تشتد على المواطنين مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وفقدان المحروقات من محطات البنزين ومن معامل الكهرباء.
غابت حركة الاتصالات السياسية في آخر يومين، ولم تُحدث مبادرة بري اي خرق حكومي حتى الساعة. لم تأت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى بعبدا بأي جديد على صعيد التأليف وتذليل العقد، وازدادت الامور تعقيدا بعد حرب البيانات بين بيت الوسط وبعبدا، فأعاد الرئيس عون رمي كرة التعطيل في ملعب الحريري، وهاجم “المستقبل” باسيل واتهمه بكتابة بيانات القصر الجمهوري وبالسطو على موقع الرئاسة الاولى. حرب البيانات التي لا تلبث أن تهدأ لتعود وتندلع من جديد، تُؤكد أن عمق الازمة السياسية والحكومية أكبر من تسمية وزيرين مسيحيين. التفاهم لا يزال مستحيلا بين باسيل والحريري وبين الاخير ورئيس الجمهورية، فالرئيس المكلف لا يزال متمسكا بصلاحياته الدستورية وبتسمية الوزيرين المسيحيين من الاختصاصيين أسوة بسلفه حسان دياب، في حين، يصّر فريق “العهد” على تسميتهما لنيل الثلث المعطل بطريقة غير مباشرة.
وبينما أعطى رئيس مجلس النواب أسبوعين للاتصالات والتشاور، تسأل مصادر كيف ستُحل العقد في ظلّ الجو المتشنج بين أركان التشكيل؟ الطريق مسدود أمام أي لقاء أو تواصل بين الحريري وعون، ومبادرة عين التينة الاخيرة قبل الانفجار المعيشي نعتها خلافات بيت الوسط وميرنا الشالوحي وبعبدا. أصبح واضحا أن “العهد” لا يرغب بالحريري رئيسا للحكومة ويتهمه بخلق الحجج، بينما الاخير متمسك بمهمته بعد أكثر من 7 أشهر على تكليفه.
الثابت حتى اللحظة أن أغلبية الكتل النيابية تنتظر استقالة أي كتلة وازنة من المجلس النيابي لتكرّ السبحة. “الجمهورية القوية” سبق ودعت “لبنان القوي” للاستقالة، بينما “المستقبل” طرحت هذه الفكرة وفق مصادر، لكنها تتريث لاعطاء مبادرة بري فرصة للنجاح. لكن، تشير المصادر إلى أن كتلة الحريري ستنسق مع “القوات” في حال الرغبة بالاستقالة، كذلك، تنتظر موقف “لبنان القوي” من هذا الموضوع. كتلة “اللقاء الديمقراطي” لا تحبذّ الفكرة، وتنتظر خطوة معراب وبيت الوسط قبل اتخاذ القرار.أما بالنسبة لـ”الوطني الحر”، فأصبحت الاستقالة واضحة لشدّ العصب ورمي كرة التعطيل بعيدا عنه، وخصوصا مع استحالة تشكيل الحكومة، وتمسّك الحريري بالتكليف وفشل كل من باسيل وعون بسحب المهمة من الحريري في جلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية في مجلس النواب. وفيما يعرف المواطن المعرقلين بالاسماء، تبقى طروحات الاستقالة مجرّد “هوبرة” أمام غضب اللبنانيين من الطبقة السياسية، وبعد ما أوصلوا إليه البلاد معيشيا واقتصاديا، وخصوصا بعد أن انفجر الشارع ليل أمس مع عودة دولار المودعين في المصارف إلى 1500 ليرة.