لا حكومة ولا انتخابات قبل التسوية

4 يونيو 2021
لا حكومة ولا انتخابات قبل التسوية

كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: إن لبنان ليس حالة معزولة عما يجري من غزة إلى العراق وسوريا وطهران ونتائج مفاوضات فيينا. وإذا كان انتظار الاستحقاقات الإقليمية بدأت تتضح معالمه، حتى بالنسبة إلى هوية الرئاسة الإيرانية الجديدة، فإن مسار الحكومة في لبنان يظهر أنه تفصيل من تفاصيل انعكاس الترتيبات الخارجية عليه. هناك ملامح لها صلة بموقع حزب الله في الإفادة من الوقت الضائع والسجالات الحادّة بين المستقبل ورئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، لإرخاء جو فراغ على كل المستويات. وتبعاً لذلك لا يمكن تجاهل ما يكمن وراء عدم ضغط حزب الله على حليفه التيار الوطني الحر لتخفيف شروطه الحكومية. ففي الواجهة أن التيار هو المعطّل للحكومة رغم تضرر صورة العهد من هذا الانهيار، وأن الحزب لا يزال مصراً على حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، لكن ما يصل من أجواء غربية يرتبط بإمكان استفادة الحزب والعهد على السواء من ارتفاع حدة الانقسام الذي بات ترميمه صعباً، للوصول إلى المأزق الذي لا يمكن معه الكلام إلا عن تسوية كبرى تتعلق بالنظام. وكل ما جرى في الأيام الأخيرة من رسائل العهد والتيار حول صلاحيات رئيس الحكومة في تأليف الحكومة، بين طاولة حوار وتهديد بسحب التكليف ورسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي، يصبّ في تأكيد عدم اعتراف التيار المزمن بالطائف. والمسار الذي تسلكه القوتان الحليفتان، يأخذ منحىً تصاعدياً قد لا يقف عند حدّ، إلا عند وضع الطائف على المشرحة الإقليمية والدولية مجدداً. وهذا يترك الباب مفتوحاً أمام بقاء الوضع الراهن معلقاً بين لا حكومة مهمة ولا حكومة انتخابات ولا انتخابات نيابية، كي تكون ذروة الانفجار سياسية تتقاطع مع شكل النظام الذي يرتسم في الأفق، ما يُنتج سلّة حلول متكاملة.

إن حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري لم تعد قيد البحث عند أي طرف خارجي. لكن تكليف الحريري هو الذي لا يزال قائماً، في انتظار ثبوت اقتناع خارجي بين أصحاب القرار، بأن الانتخابات النيابية ستحصل حتماً. فلا اعتذار عن التكليف إلا متى نضجت فكرة الانتخابات وثبت إجراؤها، وتالياً لا حكومة انتخابات إلا وفق تسوية خارجية وداخلية، تضمن حكماً إجراءها، على غرار ما أفتى به الأميركيون عام 2005، مع تعديل ما يجب تعديله من قانون الانتخاب، من دون المسّ بالشكل العام للقانون ومندرجاته الأساسية. لأن المخاطرة بتشكيل حكومة انتخابات، وتكليف شخصية من غير المرشحين، لا يمكن السير بها، إذا ما لم تضمنها تسوية كبرى تحتّم إجراء الانتخابات. وإلا فإن رئيس حكومة الانتخابات، من دون انتخابات، سيحوله رئيس حكومة الفراغ الرئاسي المحتمل، وهنا تصبح القضية أكثر تعقيداً، لأن الأمر سيتعلق حينها بنوعية وهوية الشخصية التي تُكلف قيادة الفراغ، على غرار ما جرى مع الرئيس تمام سلام.

المصدر:
الأخبار