منذ تخفيف الاجراءات المتبعة للحّد من انتشار جائحة “كورونا”، عاد اللبنانيون لممارسة حياتهم الطبيعية كأن الوباء لم يكن.
الاثبات على ذلك المشاهد التي يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن الحفلات والسهرات التي تُقام في المطاعم والملاهي الليلية (pub). فهل جربتم الحجز في احداها؟ بالطبع لن تجدوا مكاناً شاغراً لأنّها full.
لن ندخل في جدلية المواطن اللبناني وقدرته على ارتياد المطاعم والملاهي بالرغم من أن الناس “طفرانة”، بل في المشاكل التي يواجهها قطاع المطاعم في بداية الصيف جراء غلاء الدولار وسعر الصرف ومدى قدرته على الاستمرار في ظلّ هذه الظروف الصعبة.
أسعار المواد الغذائية في لبنان الأغلى
في التقويم الذي أجراه حول تأثير وباء كورونا على تضخّم أسعار المواد الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أشار البنك الدولي إلى ارتفاع الأسعار المدرجة في السلة الغذائية في لبنان بين الفترة الممتدّة من 14 شباط 2020 إلى 10 أيار 2021. واحتسب البنك الدولي التغيّر في أسعار المواد الغذائية في 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا عبر خمس فئات رئيسية من المواد الغذائية هي النشويات، ومنتجات الألبان، والفواكه، واللحوم والخضروات.
وأورد البنك أن سعر لحوم الأبقار الطازجة أو المجمّدة في لبنان ارتفع بنسبة 121,4% بين 14 شباط 2020 و10 أيار2021.
إلى ذلك، ارتفع سعر الأرز بنسبة 119% بين 14 شباط 2020 و10 أيار2021، كما ارتفع سعر البيض بنسبة 117,8% في الفترة المشمولة.
كذلك، زاد سعر الموز والبندورة بنسبة 106,8% و97,6%، فيما ارتفع سعر البصل والبطاطا بنسبة 87% و84,7%.
كما ارتفع سعر الدجاج الطازج أو المجمد بنسبة 81% خلال الفترة الممتدة بين 14 شباط 2020 و10 أيار2021، علاوة على ذلك، زاد سعر الحليب السائل بنسبة 69,6% خلال الفترة الممتدة بين 14 شباط 2020 و10 أيار2021. وارتفع سعر التفاح والبرتقال في لبنان بنسبة 69% و67,1%.
كيف تستمّر المطاعم؟
أثّر الارتفاع في أسعار المواد الغذائية على أسعار المطاعم والملاهي بشكل عام، منها من ضاعف أسعاره، ومنها من فضل الإقفال. قائمة الطعام والمشروبات باتت خالية من الأسعار، ما يتنافى وقواعد وزارة السياحة، فالتسعير متعلّق بدولار السوق الموازية.
جيلبير سقيم صاحب أحد المطاعم في حريصا، تحدث الى “لبنان 24” عن الوضع الصعب الذي واجهه بسبب الاقفال العام وارتفاع سعر الدولار والمواد الغذائية.
ولفت سقيم الى أنه “بعد الاغلاقات المتتالية بسبب جائحة “كورونا”، اتبعنا القوانين رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدناها”، مضيفاً “بما أن عملنا قائم على الطعام، كنا نتلف كل المواد الغذائية عند الاغلاق ونشتري غيرها من جديد عند قرار فتح البلد”.
وقال” ان الوضع صعب، بالإضافة الى مشكلة الدولار، على صاحب المطعم أن يدفع الايجار ورواتب الموظفين”، مُعتبرا أن “وضعه مختلف لأن مطعمه ملك للعائلة ونحاول الاعتماد على أفراد العائلة للعمل لعدم تكبد المزيد من الخسائر. أعتقد أن من لديه أجارات وموظفين لا يستطيع تخطي هذه المرحلة”.
مطعم سقيم فتح رغم الأوضاع وملتزم بكلّ القوانين المفروضة من وزارة السياحة، في هذا الإطار يعتبر مالكه أن “المطعم حاليا آمن مقارنة بالحفلات التي تجري في المنازل والشاليهات”.
وتابع: “مع غلاء الدولار انخفض هامش الربح الى أقّل من النصف، ما ان ننتهي من تحديث قائمة اسعار الطعام حتى تتغير الكلفة، ما يسببّ لنا المزيد من الخسائر”.
وفي ما يتعلق بالأسعار، شدد سقيم على أن وزارة السياحة تلزم المطاعم وضع الأسعار على قائمة الطعام، و”نحن شخصيا ما زالنا نعتمد هذا المبدأ لكي لا يتفاجأ الناس عند الدفع”.
وقال: “رفعنا أسعارنا بطريقة مقبولة وألغينا بعض المواد من القائمة لغلائها، لكن بالطبع الكمية أصبحت أقّل من المعتاد مع الحفاظ على الجودة لأنها ضماتنا الوحيدة”.
ورأى سقيم “المتفائل” الى أن “لبنان مرّ بظروف أسوأ من اليوم واستمّر”، مشيرا الى أن “قطاع السياحة والمطاعم في لبنان “لا يموت بس اللبناني بطبعوا بينسى وبحب ينبسط”، فالمطاعم والمقاهي والملاهي هي المتنفس الوحيد للمواطن.