كتبت هديل حسن في “الأخبار”: طويلاً، استطاعت لارا أن تحمي نفسها وجنينها من الإصابة بكورونا، إلا أنها لم تصل إلى «الخاتمة السعيدة». فقد داهمها الفيروس في شهر حملها الثامن. كادت أن تخسر «المعركة»، بعدما أجبرها الفيروس على استخدام آلة الأوكسيجين فترة طويلة.
«هذه ولادتي الثانية، لكنها لم تكن تشبه الأولى أبداً»، تقول لارا، مستعيدة اللحظات المرعبة التي عاشتها، والتي استمرت عوارضها كالصداع والزكام الحاد وتورّم الجسم. ليست لارا وحدها من عاشت تلك التجارب، إذ أن كثيراً من النساء الحوامل لم يسلمن من أعراض ومضاعفات الفيروس. وتشير الإحصاءات إلى أنه من بين كل 100 حامل مصابة بالفيروس هناك 10 إلى 15% يواجهن عوارض شديدة أو متوسطة، على ما يقول رئيس اللجنة التقنية لكورونا والحمل الدكتور فيصل القاق. ويعزو ذلك إلى أن الحامل معرضة للتجلطات، إضافة إلى أن التحولات الفيزيولوجية من ضغط على الأعضاء كالرئتين والجهاز التنفسي بخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأول يمكن أن تكون أحد أهم أسباب زيادة هذه المضاعفات.
وبيّنت دراسات علميّة حديثة حدوث مضاعفات مستجدة لدى الحوامل مثل الولادة المبكرة والارتعاش الحملي وزيادة الدخول إلى غرف العناية المشدّدة والإجهاض وارتفاع نسب الوفاة عند الأمّ، إضافة إلى تعرض الجنين لبعض الأمراض التي تتطلب وضعه في الحاضنة مثلًا، وازدياد وتيرة الولادات القيصرية. وفي هذا السياق، يشدد القاق على أن الإقبال على خيار الولادات القيصرية اليوم هو «لخدمة هدف واحد فقط: التخفيف من أعباء المرض على الأمّ والجنين، خصوصاً في حالات الارتعاش الحملي، حيث قد تكون الولادة السريعة هي العلاج الأنسب، ولكن لا دافع علمياً أو لا مبرر طبياً لها».وإذا كان، إلى الآن، لم تُلاحظ تشوّهات خلقية معينة يمكن ربطها بالكورونا، إلا أن هناك نسباً محدودة من حالات «الترويح» العفوي بخاصّة في الشهر الأول من الحمل «وإن كان لا يوجد ارتباط حاسم بين الأمرين». على ما يؤكد القاق، مشبّهاً حال المرأة الحامل مع فيروس كورونا، بـ«المصابين بأمراض مزمنة، فهي تتعرّض بشكل دراماتيكي للعوارض، لذلك لا يمكن استبعادها من لائحة من وجب تلقيحهم بالأولوية». ويستند في ذلك إلى دراستين صادرتين حديثاً عن جدوى فعالية اللقاح للحامل، إذ أنه «بعد مراقبة الحالات المصابة تبيّن أنّ اللقاح لم يؤثر سلباً على الحامل، بل على العكس، أظهر منافعَ إضافية لحمايتها، وقد وُجدت أجسام مضادة في حبل الخلاص وحليب الثدي، وبالتالي اللقاح يعمل على حماية الجنين أيضاً، ويعزّز الأمان ويمنع الضرر (…) كما أكدت منظمة الصحة العالمية والجمعيات المختصّة، بعد تجارب عديدة، عدم وجود سبب يمنع الحامل من التلقيح». وأكد أن «اللقاح سيكون قريباً جداً متاحاً ومؤمّناً للحوامل».
يؤكد القاق أنّ الحامل يمكنها أخذ اللقاح في أي مرحلة من الحمل، حتى إنه ينصح به قبل الحمل في حال التخطيط المسبق لذلك. وشدّد على أنه «في المطلق، أي لقاح أفضل من لا لقاح». ولكن بحسب إرشادات وزارة الصحة العامة، لا يتم إعطاء لقاح «أسترازينيكا» لمن هم دون الثلاثين من العمر، وبالتالي فمن المرجّح تأمين لقاح «فايزر» للحوامل نسبةً إلى أن الغالبية العظمى منهن تحت تلك السن، وأقل من الأربعين أيضاً. أما في حال الإصابة، «فلا داعي للخوف لأن غالبية الإصابات عوارضها خفيفة. ولكن، تجب الوقاية دائماً والحركة باستمرار في المنزل، إضافة إلى أخذ الفيتامينات اللازمة».