كتبت يارا سعد في “الأخبار”: أطبق تضخّم الأسعار الخناق على كلّ مناحي الحياة، وصار الزّواج وتجهيز منزل حلماً لمعظم الشّباب الّذين يتقاضون رواتبهم باللّيرة، هذا إن كان الراتب متوفّراً نظراً إلى ارتفاع نسبة البطالة، ولا سيّما بين هذه الفئة. وإذا كانت بعض مستلزمات الحياة قد بقيت عند مستويات ما قبل الأزمة تقريباً، كإيجارات المنازل ورسوم الكهرباء والغاز وغيرها، غير أن تأثيث المنزل وتجهيزه، مثلاً، صارا أقرب إلى الخيال». إذ «ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك للأثاث والتجهيزات المنزلية 655% بحسب الإحصاء المركزيّ بين كانون الأوّل 2019 وكانون الأوّل 2020. ومع نهاية 2021 ستكون الأرقام أكثر تضخّماً»، بحسب مؤسس «مرصد الأزمة» ناصر ياسين. وبما أنّ الزّواج من الأمور التي لا يمكن إيقافها، «فالناس بحاجة إلى التواضع، لأنه لم يعد بمقدور كثيرين العيش كما السابق، أو اللجوء إلى خيار الصناعات المحلّيّة».
«في الحد الأدنى يحتاج المُقبل على الزواج اليوم إلى مئة مليون ليرة ليجهّز منزلاً متواضعاً، هذا إن افترضنا أن المنزل متوفّر»، يلخّص أسامة، صاحب محلّ أدوات منزلية وكهربائية، حال المقبلين على الزواج في ظلّ الأزمة. «سابقاً كان يحتاج الشاب إلى 15 ألف دولار أي 22 مليون ليرة ليفرش بيته، اليوم كم تساوي الـ 15 ألف دولار؟»، لافتاً إلى أن الغسالة التي كان سعرها 600 ألف ليرة صارت تُكلف بين 4 و 5 ملايين ليرة، والبراد الذي كان سعره 900 ألف ليرة صار اليوم بين 10 ملايين ليرة و13 مليوناً. وإذا كان التقسيط سابقاً واحداً من التسهيلات التي تحفّز الزبائن على الشراء، إلا أنه اليوم «لا يمكن الحديث عن التقسيط أبداً»، لأن الشركات الكبرى توقّفت عن تقسيط البضائع لأصحاب المحالّ، وهؤلاء بدورهم لم يعودوا قادرين على «تديين الناس. نحن نعيش في بلد لا نعرف ماذا سيحصل فيه غداً، ولا إن كان سيبقى موجوداً بعد شهرين، فكيف نقسّط؟».
صحيح أن الأسعار ارتفعت بالليرة اللبنانية نتيجة انهيار العملة، إلا أنها لا تزال كما هي بالدولار، «بل انخفضت» بحسب سعيد، صاحب أحد محالّ بيع الأدوات المنزلية، «فرسوم الجمارك والـTVA لا تزال على أساس 1515 ليرة لبنانية. من يتقاضون رواتبهم بالدولار لم يشعروا بتغيّر أيّ شيء، عكس مَن راتبه مليون ليرة بالكاد يكفيه للأكل والشرب، فكيف سيشتري غسالة؟».
جولة سريعة في بعض الصالات وعلى المواقع الإلكترونية، تظهر الهوة الساحقة بين ما آلت إليه الأسعار بالليرة وبين الحدّ الأدنى للأجور وما يتقاضاه اللّبنانيّ شهرياً. وأمام الارتفاع الحاد في الأسعار، حاول كثيرون إيجاد «مخارج» تساعدهم على تجهيز منازلهم. البعض لجأ إلى الأدوات الكهربائية المستعملة أو إلى «البالات» لشراء «البيّاضات». في حين أنّ عدداً لا يستهان به من الشباب اتّخذ «قراراً لا يمكن الرّجوع عنه»… بالعزوف عن الزّواج.
المصدر:
الأخبار