لم تتكيف السلطة مع الإفلاس السياسي ثم المالي الذي ضربها منذ نحو سنتين، وباتت تتكئ على مراسيم وقرارت عادية لتظهيرها كأنها إنجازات كسلفة شراء الفيول أو “إصلاح سكانر” لوقف عمليات التهريب، بينما الازمة أعمق بكثير وتتطلب معالجتها تغييرا جذريا.
منذ انفجار الشارع في وجه الجميع، طغى على النهج المتبع “الترقيع” وراهنت الأطراف الحاكمة على الوقت والظروف للخروج من الحفرة وإعادة الحال الى ما كان عليه عبر تبادل التهم فيما بينها، فضلا عن اوهام تسيطر على البعض تتعلق بالمهارة في الالتفاف عن المطلب المحق منذ ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ برحيل الطاقم السياسي وسعي هذا البعض للمحافظة على مكتسبات السلطة.بعيدا عن تشكيل الحكومة الذي بات علة العلل، فان هموم المواطن في مكان آخر وتتركز على تأمين الخبز والدواء والمحروقات في ظل سوق موازية في كل شيء، بل وتفيد تقارير الأجهزة الأمنية بأن الانفجار الشعبي بات حتميا وليس في المستطاع سوى التخفيف من ردات الفعل الغاضبة على المقار والمؤسسات الرسمية.
في هذا الشأن، تكمن مخاوف جدية من فلتان حقيقي دون القدرة على ضبطه وحصره على غرار ما جرى في جولات ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، لان السلطة لم تتعظ من صرخة شعبية مدوية بقدر ما ركنت إلى حالة إنكار لا مثيل لها ترجمتها بمسار من القفز فوق الازمات تاركة معظم الشرائح الشعبية في قعر الجوع والبؤس .في هذا المجال، اعترفت مرجعية سياسية بأن وليد جنبلاط “فهم الدرس”باكرا فعمد إلى الانغلاق في الجبل وتنفيذ برامج دعم في القرى والبلدات الشوفية ، وتبعه حزب الله لحسابات تتجاوز الحضور الشعبي في مناطق الجنوب والبقاع، ذلك أن الناس كفرت بالدولة وباحزاب السلطة و بكل شيء بعدما فقدت كل شيء.بالمقابل، لا يفيد التقاتل على وزيرين في حكومة كان ينبغي تشكيلها منذ أشهر و مهمتها تنحصر بوقف الانهيار، فلبنان على مسافة قصيرة من الارتطام الكبير عند رفع الدعم عمليا دونة “جميلة” المسؤولين نتيجة عدم توافر الأموال.في ظل هذا الواقع المآساوي،فان لبنان من حيث الكيان والوظيفة والدور بأن مرتبطا بوصاية جديدة ، لذلك يراهن البعض او يجهد للاستفادة من التحالف مع محور إيران خصوصا بعد إعادة انتخاب بشار الأسد رئيسا لسوريا، بالمقابل لا تبدي إدارة جو بايدن اهتماما استثنائيا بالوضع اللبناني الا من بوابة النفط جنوبا ودعم المؤسسة العسكرية.في هذا المجال، تشير المعطيات إلى أن الحد الفاصل للتغير الجذري يكمن في الاستحقاقات الانتخابية وأبرزها النيابية العام المقبل، حيث يتم الضغط على السلطة القائمة لاجرائها في مواعيدها وفصلها عن مسار الفراغ الرئاسي المتوقع.