“حوار غير مباشر” بين الحريري وباسيل.. كيف يردّ “المستقبليّون”؟!

11 يونيو 2021
“حوار غير مباشر” بين الحريري وباسيل.. كيف يردّ “المستقبليّون”؟!

بين البياضة وبيت الوسط، يتنقّل “الخليلان” (المعاونان السياسيان للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ولرئيس مجلس النواب علي حسن خليل) منذ أيام، في محاولةٍ لإنجاح مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، ويقودان ما سارع “العونيّون” لاعتباره بمثابة “حوار غير مباشر” بين رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل.

 
يهلّل “العونيّون” لهذا “الحوار” الذي يقولون إنّه أخرج الوزير باسيل من “عزلة” أراد أن يضعه فيها الرئيس الحريري، فإذا بوساطات الأيام الماضية تعيد له “حيثيّته ومكانته”، وبالتالي موقعه في المعادلة، وتثبت بالملموس أنّ طريق تأليف الحكومة لا يمكن إلا أن تمرّ من خلاله، شاء من شاء وأبى من أبى، وبوصفه رئيس التكتل النيابيّ المسيحيّ الأكبر بالدرجة الأولى.
 
يذهب “العونيّون” أبعد من ذلك، فيقولون إنّ باسيل هو من “يؤلّف” الحكومة بالتنسيق والتفاهم مع “الخليلين”، نيابةً عن الرئيس المكلّف وبالوكالة عنه، هو الذي ينتظر نتيجة الاتصالات القائمة، ليصادق عليها، ولو كان يمتلك ربما حق “الفيتو” الذي لم يعد شديد النفع، حتى أنّ كلّ مشكلته باتت مع باسيل حول ما إذا كان سيمنح الحكومة الثقة، ولا شيء سوى ذلك.

 
منطق “أعوج”؟! 
يرفض المقرّبون من رئيس الحكومة المكلَّف مثل هذه القراءة، التي يعتبرونها بعيدة كلّ البعد عن الواقع، بل “منفصمة” عنه إن جاز التعبير، ولا تنسجم إلا مع “رغبات” رئيس “التيار الوطني الحر” في ادّعاء “بطولات” غير حقيقيّة، خصوصًا أنّ ما يجري بينه وبين “الخليلين” لا يعدو كونه “مشاورات سياسية” في إطار “مبادرة” الرئيس برّي التي سبق أن أعلن كلّ الفرقاء انفتاحهم عليها بوصفها “الفرصة الأخيرة”.
 
ويستدلّ المحسوبون على الحريري على ذلك بما حصل قبل يومين، حين “تعمّد” الفريق المحيط بباسيل تسريب معطيات غير دقيقة، عن أنّ “الكرة باتت في ملعب الحريري”، وكأنّ كلّ العُقَد حُلّت، وأنّ المسؤولية على عاتق الحريري حصرًا، وهو ما أثار استياء عين التينة، التي سارعت للردّ بلغة المصادر أيضًا، مؤكدة عدم دقّة هذا الكلام، ومتحدّثة عن نقاط لا تزال عالقة، وتستوجب أكثر من اجتماع مع باسيل، مع تأكيدها على “إيجابية” اللقاء الأول.
 
ويعتبر “المستقبليّون” أنّ المنطق الذي يستند إليه باسيل “أعوج”، خصوصًا حين يتباهى بأنّه من يؤلّف الحكومة، في اختزالٍ للمشاورات الجارية، ثمّ يتباهى أيضًا بأنّه لا ينوي منح الحكومة الثقة، فكيف لعاقِل أن يقتنع بأنّ من يؤلّف الحكومة، ويتحكّم بالشاردة والواردة فيها، يعتبر أنّها لا تعبّر عن تطلّعاته ولا تلبّي طموحاته، فيحجب عنها الثقة، ويصوّر نفسه وكأنّه في خانة المعارضة، وأن يصدّق أنّ هذه “الحيلة” قد تنطلي على أحد.
 
“النكايات مستمرّة” 
لا يعني ما تقدّم أنّ الأمور مُقفَلة حكوميًا بالمُطلَق، حيث تؤكد المعطيات المتوافرة وجود “تقدّم” تحقّق في الساعات الماضية، لكنّه يبقى “منقوصًا” طالما أنّ “النكايات” التي تعبّر عنها لغة المصادر خير تعبير، ما زالت طاغية على المشهد، ومعها سياسة “التزريك” التي وصلت ببعض “العونيّين” إلى مخاطبة الرئيس المكلّف بالقول: “ما تؤلف.. نحنا منؤلف عنك”.
 
يقول العارفون إنّه في مثل هذه الأجواء من الشحن والتوتر، لا يمكن لحكومة أن تبصر النور، والمطلوب أولاً وقبل كلّ شيء، الكفّ عن البحث عن تسجيل النقاط والمكاسب، والتفكير بما يعانيه المواطن، الذي فقد كلّ قدرة على التحمّل والصبر، والمطلوب بعد ذلك الذهاب إلى تقديم “تنازلات”، لا اختراع “انتصارات وهمية”، لا تقدّم ولا تؤخّر شيئًا في المعادلة، حتى لو كانت حقيقية وواقعيّة أصلاً.
 
رغم ذلك، يؤكد المتابعون أنّ “الفرصة” لم تُستنفَد بعد، وأنّ مبادرة رئيس البرلمان لا تزال “حيّة تُرزَق”، علمًا أن أحدًا ليس بوارد تحمّل مسؤولية “إسقاطها” في الظرف الراهن، ولو أن الجميع يدرك أنّ المهلة قد لا تكون “مفتوحة” أمامها، رغم الاعتقاد بأنّ هذه المهلة قد “تُمدَّد” بدفعٍ من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي دعا صراحةً في حديثه الأخير إلى الابتعاد عن “المُهَل”، موحيًا بأنّ لا حلّ سوى بتأليف حكومة برئاسة الحريري، عاجلاً أم آجلاً.
 
هي “الانتصارات الوهميّة” مرّة أخرى تشوّش على الجهود والوساطات، المستمرّة بالتوازي. ثمّة من أراد أن يقرأ في لقاءات البياضة وبيت الوسط، مجرّد “إعادة اعتبار” لفريق سياسي يعاني من “العزلة”، وثمّة من يسعى إلى “توظيفها” بما يخدم المسار العام، ويُفضي إلى خاتمة لم تعد سعيدة، ولو كانت مُنتظرة. ببساطة، ثمّة “انفصام عن الواقع” يتفاقم في بعض الأوساط، وقد لا يودي بالبلاد سوى إلى المجهول، إذا لم تنجح محاولات “الإنقاذ” على صعوبتها ومرارتها!