لا يبدو أنّ الحديث المستجدّ أخيراً عن نية الرئيس المكلّف، سعد الحريري، الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة كان من باب المناورة أو المراوغة أو الضغط، فالحريري، وكما أبلغ مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وكذلك رؤساء الحكومات السابقين، “ضاق ذرعاً” بسياسة التعطيل التي ينتهجها فريق رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، ورئيس “التيار الوطني الحر”، النائب جبران باسيل.
أخرج الحريري ورقة الاعتذار من جيبه ملوّحاً بها بانتظار اللحظة المناسبة لوضعها على الطاولة، فهو كما يقول مقرّبون منه، لن يقدم على أيّ خطوة غير مدروسة قد تزيد الوضع سوءاً، وهو سيواصل اتصالاته مع مختلف الأطراف ليبني على الشيء مقتضاه بما في ذلك مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الذي يطالبه بالتريّث ومنح مبادرته الحكومية فرصة “إنعاش” جديدة.
ومن جهة عين التينة، دخلت مبادرة برّي أسبوعها الثالث بعد تمديد الفرص لمرّتَيْن من دون أن تفضي إلى نتيجة ملموسة، فيما لا تزال تطرح التساؤلات عمّا إذا كانت هذه المبادرة تستحقّ فرصة أخرى تكون فيها “الثالثة ثابتة” لناحية التوّصل إلى حل يخرج اللبنانيين من نفق أزماتهم التي باتت لا تعدّ ولا تحصى، إلا أنّ أحداً لا يملك جواباً جازماً حيث إنّ الضبابية لا تزال سيدة الموقف.
ووفقاً لمتابعين، فإنّ اللبنانيين “يحسبون انفاسهم” على وقع التلويح باعتذار الحريري، خوفاً من أيّ انفجار غير محسوب العواقب في الشارع، وذلك ربطاً ما يتردّد عن احتمالات حصول أحداث وتوتّرات أمنية قد تفجّر الأرض، في ظلّ التشنّج السياسي والذي بدأ يأخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً من جهة، ومن جهة أخرى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي والسياسي للبنانيين من طوابير البنزين على المحطات وانقطاع الدواء وحليب الأطفال والكهرباء، والارتفاع الجنوني لسعر الدولار وانعاكاسه على أسعار السلع والبدء التدريجي برفع الدعم عن المواد الأساسية وغيرها.
في المحصّلة، “تعدّدت الفرص والنتيجة واحدة: لا حكومة” وسيعود اللبنانيون مع بداية الأسبوع إلى عذاباتهم اليومية، فيما أهل الحلّ والربط يواجهون أزمات من “كوكب آخر”، كـ”من يسمّي الوزيرَيْن المسيحيين” و”من يحصل على الثلث المعطّل” و”من عليه أن يبادر أولاً تجاه الآخر”.. واللائحة تطول!