قوى السلطة تُعدّ العدة… والجنون السياسي سيد الموقف!

14 يونيو 2021
قوى السلطة تُعدّ العدة… والجنون السياسي سيد الموقف!

بين سطور التطورات السياسية الحاصلة في لبنان ومبادرات الحلحلة وما يرافقها من عراقيل وتصعيد في الخطابات السياسية لا بدّ من قراءة الاحداث من منظار الانتخابات النيابية إذ ان القوى الداخلية بدأت تعدّ العدّة من أجل تحسين وضعها الانتخابي العام في ظل الأزمات المتراكمة والتي من المتوقّع أن تفرض تغييراً شعبياً لافتاً.

من الواضح أن الحسابات النيابية بدأت، وبشكل منظّم، تلعب دوراً كبيراً في خيارات قوى السلطة وقراراتها وتحكم شكل التصعيد السياسي الذي تقوم به الأطراف المعنية في لبنان، خصوصاً وأن البلاد قد دخلت في مرحلة أصبح فيها أي إنجاز على المستوى الحكومي، في حال نجحت المساعي بالخروج بصيغة مناسبة للتشكيل، أمراً مستحيلاً وبالتالي فإن البناء على تحقيق الانجازات لتحسين الواقع الشعبي لا يبدو واقعياً على الاطلاق.

من جهته، فإن رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه التيار “الوطني الحر” قد بدأوا بالتفكير جدياً بكيفية ترميم القاعدة الشعبية، من هنا كان لا بدّ من رفع وتيرة التصعيد السياسي بوجه الرئيس المكلف سعد الحريري حيث سيسلك الخطاب “العوني” في المرحلة القادمة منحى مرتبطا بحقوق المسيحيين، كما سيسعى الى استجرار استعطاف جماهيره الحزبية من خلال ادّعاء محاولات الاستضعاف التي يتعرّض لها التيار وتظهير تكتّل القوى السياسية ضدّه ما قد يعزّر، بحسب حساباته، قدرته على اجتذاب الاصوات في الاستحقاق النيابي المقبل.هذا الامر ينطبق أيضاً على تيار “المستقبل” الذي ينتظر رئيسه سعد الحريري الفرصة المناسبة لتقديم اعتذاره عن عدم التشكيل، وهذا الاعتذار سيكون مترافقاً مع خطاب سياسي متكامل، وفي حال ركون الحريري الى خيار التمسّك بتكليفه فإنه سيسعى الى تظهيره على شكل انتصار سياسي على “العهد” ورد الصاع صاعين وإظهار نفسه أمام المجتمع السني رئيساً قوياً استطاع تحجيم رئيس الجمهورية و”الصهر العنيد” المرفوضين لدى القاعدة الشعبية السنية بشكل عام وجمهور الحريري على وجه التحديد.ولعلّ هذه القاعدة تطبّق كذلك في المقلب السياسي الآخر، حيث ان رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يركّز على عدم الخوض في الصراعات الداخلية ويعمل على تأمين حاجات بيئته لضمان عدم حصول انشقاقات في صفوفها في الانتخابات المقبلة. بدورهما أيضاً يعمل “حزب الله” و”حركة امل” على توفير المساعدات المعيشية لجماهيرهما وينفيان عن نفسهما “تهمة” التعطيل لتخفيف حجم النقمة الشعبية الناتجة عن الخنقة الاقتصادية والتدهور المالي.وبالرغم من ايجابيات الانتخابات النيابية والمرتبطة بمسألة التغيير واختيار الشعب لممثليهم، الا ان السلبيات قد تكون كثيرة لأن الجنون السياسي سيبلغ ذروته ليكون سيد الموقف في المرحلة الآتية وسيلعب دوراً رئيسياً في القرارات المصيرية في لبنان وقد يساهم في زيادة العرقلة لأن أحداً من قوى السلطة لا يبدي أي رغبة بتقديم التنازلات تجاه الاخر لتجنّب غرق المركب!