كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”: هو آخر المؤسسات الصامدة في البلد، فهل يُكتب له البقاء أم هو، كما سواه، في العناية الفائقة الشديدة؟ الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الذي يغطي مليوناً و600 ألف مواطن، أي ثلث الشعب اللبناني، “لا مرتاح ولا فارط” وبين الحالتين يبقى السؤال: “شو بدو يصير؟”.
صحياً، لم يكن اللبنانيون يوماً في نعيم، لكن، لم يكونوا في جهنم، لذا نراهم يغنّون: “يا زمان الماضي عود”. فالكحل أفضل من العمى. والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الذي طالما تمنينا لو يتطور، يتمكنن، يفتح فرع ضمان الشيخوخة ونهاية الخدمة، ويبتسم موظفوه قليلاً في وجه المواطنين المضمونين و… و… نتمناه اليوم ان يبقى حياً.
مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي أصدر بلاغاً في السابع من حزيران خضّ المضمونين. هو بيانٌ لازم لكن المضمون، المواطن، لكثرة البلاغات التي على حسابه بات يخاف من “نوايا مبيتة” تأتي غالباً على حسابه. كركي قال في بيانه: “وجوب ضبط الدخول غير المبرر الى المستشفيات”. فهل هذا نذير أن الضمان في خطر والمضمون- المريض سيكون في خطر؟ كثيرون قرأوه مجتزأ ورأوا فيه أن ليس كل من سيحتاج الى “الإستشفاء” سيجده، خصوصاً أن كركي طلب ألا يتخطى عدد الموافقات في العام 2021 الـ 200 ألف موافقة، مستنداً في ذلك الى أن عدد طلبات الدخول الى المستشفى انخفض في 2020 نحو 100 ألف طلب. وهذا معناه أن هناك من كان يدخل قبل هذا التاريخ الى المستشفى وهو قادر أن “يتطبب” خارجها. هذا ما شرحه مدير التفتيش والمراقبة في الصندوق الدكتور غازي قانصو. المضمونون حقهم أن يخافوا. فهم “لا يدخلون نقاهة” والمستشفيات ليست أوتيلات خمس نجوم. فما لزوم لهكذا بلاغ يحمل في طياته أكثر من تفسير؟
محمد كركي لم يُخطئ في قراره. والمضمونون ليسوا “سوداويين” بمخاوفهم. فالتجارب المرّة التي يمرون فيها تدفعهم الى عدم الثقة بكل الآخرين. فكيف إذا كانت المسألة لها علاقة بأمنهم الإجتماعي والصحي؟
عجز في “المرض والأمومة”
رئيس التكتل النقابي المستقل عضو مجلس إدارة الضمان جورج العلم يتحدث عن ثلاثة صناديق في الضمان الإجتماعي: “صندوق تعويض نهاية الخدمة يضم اموال المضمونين وهذا مليء ويكفي جميع المضمونين ويضم 14 ألف مليار ليرة لبنانية. وصندوق المرض والأمومة وهذا ليس متوازناً وفيه عجز قوامه 4000 مليار ليرة، وللضمان مع الدولة 3500 مليار ومع اصحاب العمل 1800 مليار، ما يعني أن هذا العجز مغطى إذا دفعت الدولة ما عليها. والصندوق الثالث هو للتعويضات العائلية وهو متواز. يخرج منه بقدر ما يدخل إليه. نحو مئة مليار ليرة سنوياً. لذلك نقول ان لا خوف على الضمان إذا لم يُقحم بالتجاذبات الرسمية”. يضيف: “بالنسبة الى بلاغ مدير عام الصندوق فواضح وهو استند فيه بحسب دراسة جرت الى ان عدد من دخلوا الى الاستشفاء زمن “كورونا” انخفض عن العدد قبله نحو 100 ألف. وهذا ما فُهم منه أن كثراً ممن يدخلون الى المستشفى يمكنهم اللجوء الى المعالجة خارجها، من خلال الطبابة العادية، لكنهم يدخلون من أجل ألا يدفعوا نسبة الفارق وهي عشرين في المئة. ومعظم هؤلاء يدخلون في “الويك أند” أي على راحتهم. لذا يفترض التشدد، خصوصاً في هذا الوقت الصعب، مع هؤلاء وأمثال هؤلاء”.
محمد كركي كرر (ويستمر بالتكرار) أن الضمان بخير. والمضمونون يتذكرون كلما سمعوه كلاماً من نوع: أن الليرة بألف خير. والجميع رأوا مصير الليرة. فماذا يمنع أن يكون مصير آخر معلم لأمانٍ إجتماعي مثل كل المعالم التي ظنّها اللبنانيون، ووعد مسؤولوها، أنها بخير؟ ماذا يمنع أن يكون كلام بترا خوري (مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية)، التي قالت أن كل الجهات الضامنة من تعاونية الموظفين الى الضمان الإجتماعي مفلسة، صحيحاً؟