بات اعتذار الرئيس الحريري امرا واقعا ويتم التفتيش عن سبيل لإعلانه بحكم استعصاء إيجاد الحلول، ما يعني سقوط جميع الاطراف في هوة سحيقة من الصعب الخروج منها من دون إعادة تكوين السلطة على اسس جديدة.
اعتذار الحريري ليس بالأمر اليسير ومخطىء كل من يظن انه حقق مكسبا في ذلك، فإنهيار الهيكل لن يستثني أحدا خصوصا في ظل تدحرج الوضع نحو من مزيد من التشظي وصولا الى حد الانفجار الكبير.
في هذا المجال، لا تأبه السلطة الحاكمة لكل الانتقادات اللاذعة و الاتهامات التي يكيلها الخارج نتيجة أنانية سياسية مفرطة وانتهازية لا مثيل لها، فعهد عون انتهى عمليا ومن السذاجة مجرد التفكير بمن يخلفه، طالما ان لبنان الذي نعهده بات من الماضي بعد انهيار ركائزه وقطاعاته الواحدة تلو الأخرى.
شد العصب الطائفي والتهويل باندلاع نزاعات عنفية باتت ذخائر منتهية الصلاحية بيد سلطة أفلست بقدر ما افسدت بكل المقاييس، ومجمل الوضع اللبناني يتطلب تبديلات عميقة قد تكون صناديق الاقتراع الصيف المقبل منطلقا لها، فبالتالي ليس دقيقا التصور القائم بامكانية استفادة الحريري من تعنت عون وباسيل طالما ان النقمة الشعبية عارمة وتتلهف إلى التخلص من الطاقم الحاكم عند أول فرصة.يؤكد قطب سياسي وضع الخارج سيف الانتخابات فوق رقبة سلطة امعنت في افشال كل المحاولات ابتداء من المبادرة الفرنسية ، أتقنت فنون التحايل والمماطلة، و هذا ما يدفع الى الاعتقاد بفشل محاولات التذرع بالتعديلات الضرورية على قانون الانتخابات النيابية الحالية ، في نية مبينة للتأجيل.الانتخابات النيابية ستكون لها مفاعيل مباشرة على مجمل الحقبة المقبلة رغم التباين حول اتمامها في ظل بوادر الفوضى والفلتان ، و ثمة ترجيحات عن تغييرات جوهرية ستقلب كل المقاييس السياسية الراهنة بما في ذلك انتهاء عصر الزعماء الأقوياء وملوك الطوائف على مزارع منشرة في ارجاء وطن كان في الماضي ساحرا جدا ، واضحى اليوم “بفضل حكامه” يلفظ أنفاسه الأخيرة.