أشعلت حرب البيانات ما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري الجبهة بين بعبدا وعين التينة، حارقة في طريقها الأمل الوحيد الذي كان متبقياً بتأليف حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري.
الاّ ان حرب البيانات هذه والتي ارتفع مسنوبها مساء أمس، لم تحجب الانظار عن تحرك اليوم واضراب الاتحاد العمالي العام احتجاجا على الاوضاع المعيشية القاتلة ومطالبة بتشكيل حكومة انقاذ سريعا، وقد سجّلت دعوات واستجابة واسعة من كل القطاعات والنقابات للمشاركة، من المصارف الى الضمان وموظفي الدولة مرورا بعمال المطار والممرضين ثم أعلنت مساء الهيئات الاقتصادية تأييدها للإضراب . كما أعلنت أحزاب عديدة تأييدها الإضراب.
مؤتمر دعم الجيش
في غضون ذلك يعقد بعد ظهر اليوم مؤتمر بواسطة تقنية “الفيديو كونفيرانس” لمساعدة القوات المسلحة والجيش اللبناني على مجابهة الازمة الاجتماعية التي يمر بها لبنان. وافاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني انه سيشارك في هذا المؤتمر الذي تنظمه باريس بالتعاون مع ايطاليا والامم المتحدة حوالي 25 دولة تضم مجموعة الدعم الدولية للبنان ودول اوروبية وعربية منها الامارات العربية المتحدة ودولة قطر ومنظمات دولية كالامم المتحدة والمجموعة الاوروبية.
واشارت مصادر في وزارة الدفاع الفرنسية الى ان فرنسا التزمت مساعدة الجيش اللبناني لمجابهة المصاعب البنيوية التي يواجههاالاقتصاد اللبناني، منذ مدة طويلة ولكن هذا الاجتماع ليس لتقديم مساعدات بنيوية كما حصل خلال مؤتمري روما- 1 وروما- 2 بل ستقدم باريس والدول المانحة مساعدات طارئة غذائية وصحية وقطع غيار للجيش.
ونوهت المصادر بان المساعدات التي ستبلغ عشرات ملايين اليورو تشكل الحاجات الانسانية التي حددتها قيادة الجيش وسيتم تامينها خلال الاسابيع والاشهر المقبلة اي على الاجل القريب. اما الحاجات الهيكلية للجيش فهي بالطبع تحتاج الى تشكيل حكومة.
الحكومة غائبةوبالعودة الى السجال المحتدم، فقد أكدت أكثر من جهة سياسية لـ”البناء” أن “مساعي تأليف الحكومة دخلت في العناية الفائقة ولم يعد يجدي مدّها بحقن التنفس الاصطناعي، إذ بات واضحاً أننا أمام أزمة ثقة بين الرئيسين عون والحريري وإمكانية التعايش بينهما في حكومة واحدة باتت شبه مستحيلة إلا في إطار تسوية خارجية كبرى يدخل فيها الأميركي بقوة في الملف اللبناني وتضغط على كامل الأطراف لتقديم التنازلات وتسهيل تأليف الحكومة، وسوى ذلك مجرد لعب وتصفية حسابات في الوقت الضائع بانتظار ما ستفرزه المفاوضات والقمم الدولية والإقليمية”.
ورأت الأوساط لـ”اللواء” أن هناك بعض الشكوك حول المبادرة الرئيس بري ومصيرها ولذلك قد تكون الحاجة ضرورية لترقب الفترة المقبلة وكيفية ترتيب ما استجد مؤكدة أنه في ظل الوضع الحاصل فإن أي بصيص امل صغير بالانقاذ غير متوافر..وعلمت “اللواء” من مصادر متابعة لمساعي تشكيل الحكومة، ان هناك مساعيٍ تُبذل من قبل وسطاء مقربين من الرئيسين عون وبري لتبريد الاجواء المتوترة بين الرئيسين، بعد البيانات التصعيدية التي صدرت عن رئاسة الجمهورية وعن رئاسة المجلس النيابي خلال اليومين الماضيين.وقالت المصادر: ان كل شيء توقف الآن حتى مبادرة الرئيس برّي ولو مؤقتاً، على أمل تبريد الاجواء ومن ثم استئناف الاتصالات، وإلّا سنصل الى طريق مسدود نهائياً، علماً ان رئيس المجلس اكد في ختام بيانه امس ان مبادرته ما زالت قائمة ولن تتوقف رحمة بالبلاد.وذكرت المصادر ان اعتذار الرئيس الحريري وارد لكنه لن يتم بطريقة تريح الرئيس عون والتيار الوطني الحر. وهو ما ستظهره الايام لو تقرر الاعتذار. واي خطوة يقدم عليها ستكون منسقة مع الرئيس بري، ولكنه يفكر ايضا في انعكاسات اي خطوة على وضع البلاد والناس والاقتصاد والوضع المعيشي، لذلك سيكون كل شيء محسوباً بدقة.جنبلاط في عين التينةوكانَ بري قد التقى النائب وليد جنبلاط لمدة نصف ساعة في عين التينة، وخرج الأخير من دون الإدلاء بأي تصريح. وقالت مصادر مطّلعة إن “الاجتماع كان بهدف تنسيق الموقف والاستيضاح من الرئيس بري عن الأسباب التي أدّت إلى وصول الأمور الى ما هي عليه الآن”. بينما لفتت مصادر سياسية مطّلعة على الأجواء الى أن “بري لم يكُن متحمّساً للإضراب”، نافية ما يقال عن أنه الجهة المُحرّكة. وأشارت إلى أن “التحليلات عن الإضراب مبالغ فيها ولن تؤدي الى انفجار في الشارع”، مؤكدة أن “المبادرة لم تمُت، فهي عبارة عن مبادئ عامة المطلوب الالتزام بها، لأن ذلك هو السبيل الوحيد للوصول الى حل”.